پایگاه تخصصی فقه هنر

الفقه علی المذاهب الاربعة-ج2-ص836

البيع والشراء مشروع ليربح الناس من بعضهم، فأصل المغابنة لا بد منها، لأن كلاً من البائع والمشتري يرغب في ربح كثير. والشارع لم ينه عن الربح في البيع والشراء ولم يحدد له قدراً، وإنما نهى عن الغش والتدليس، ومدح السلعة بما ليس فيها، وكتم ما بها من عيب ونحو ذلك. فمن فعل بسلعة شيئاً من ذلك، كان لمن أخذها الحق في ردها كما تقدم مفصلاً في مباحث الخيار، وقد شرع الخيار ليكون للبائع والمشتري فرصة في التأمل حتى لا يغبن أحدهما ولا يندم كما تقدم. فمن الممكن أن يحتاط البائع والمشتري حتى لا يغبن واحد منهما غبناً فاحشاً. ولكن إذا وقع ذلك بدون تدليس ولا غش فما هو حكمه وما هو الحد الذي يغتفر منه وما لا يغتفر؟ في ذلك تفصيل المذاهب

(المالكية – قالوا: المشهور في المذاهب أنه لا يرد المبيع بالغبن في الربح ولو كان كثيراً فوق العادة إلا في أمور:

أحدها: أن يكون البائع والمشتري بالغبن الفاحش وكيلاً أو وصياً، فإذا كان كذلك فإن بيعها وشراءها يرد. فللوكل أو المحجور عليه أنيرد المبيع، فإذا وكل شخص آخر بأن يشتري له سلعة فاشتراها له بغبن فاحش أو محاباة لبائعها، كان للموكل الحق فيرد تلك السلعة إذا كانت قائمة لم تتغير فإن تغيرت فإن له الحق في الرجوع على البائع بالزيادة التي وقع فيها الغبن، فإن تعذر الرجوع على البائع كان له الحق في الرجوع بذلك على المشتري وهو الوكيل.

وكذلك إذا وكله في أن يبيع له سلعة فباعها بنقص فاحش فإن له أن يستردها إذا لم يطرأ عليها ما يمنع الرد، فإذا لم يمكن ردها رجع بالنقص على المشتري، فإن تعذر رجع به على البائع. ومثل الوكيل الوصي. فإن للمحجور عليه أن يفعل في بيعه وشرائه ذلك.

واختلف في حد الغبن الفاحش فقال بعضهم: إذا بيعت السلعة بزيادة الثلث عن قيمتها، أو بنقص الثلث كان غبناً، ولكن المعتمد أن الغبن زيادة السلعة عن قيمتها زيادة بينه أو نقصها نقصاً بيناً فمتى كانت الزيادة أو النقص ظاهرين كان ذلك غبناً فاحشاً.

ثانيها: أن يستسلم المشتري للبائع كأن يقول له: بعني هذه السلعة كما تبيعها للناس، أو يستسلم البائع للمشتري بأن يقول له: اشتر مني كما تشتري من الناس فإنه في هذه الحالة إذا غبن البائع أو المشتري غبناً فاحشاً كان لهما الحق في رد المبيع.

ثالثها: أن يستأمن البائع المشتري أو العكس كأن يقول له: ما تساوي هذه السلعة من الثمن لأشتري به أو أبيعها به؟ فإذا أخبره بنقص أو زيادة كان له الحق في رد السلعة.

وقد أفتى بعض أئمة المالكية بأن المبيع إذا زاد على الثلث أو نقص عنه، فسخ البيع بشرط أن يكون البائع قد باع وهو عالم بالغبن، أو يكون المشتري قد اشترى وهو عالم بذلك واستمر قائماً لم يتغير قبل مجاوزة العام، وقد جرى العمل على ذلك في بعض الجهات الإسلامية.

الحنابلة – قالوا: يرد المبيع بالغبن الفاحش بالزيادة أو النقص في ثلاثة صور:

الصورة الأولى: تلقي الركبان.

الصورة الثانية: بيع النجش. وقد تقدم الكلام عليهما قريباً.