پایگاه تخصصی فقه هنر

الفقه علی المذاهب الاربعة-ج2-ص829

الشافعية – قالوا: بيع الحاضر للبادي المذكور حرام. وهل هو كبيرة أو صغيرة؟ خلاف: وإثمه على من يعلم أنه حرام، سواء كان الحاضر أو البادي. وبعضهم يقول: إن إثمه على الحاضر أما البادي فلا إثم عليه لأنه وافقه على ما فيه مصلحة له فيعزر في ذلك. والحاضر: ساكن الحاضرة وهي المدن والريف والقرى. والريف: أرضها فيها زرع وخصب ولا بناء بها “وإن كان بها بيوت الأعراب المأخوذة من الشعر”. وليس ذلك مراداً هنا. وإنما المراد: الغريب الذي يأتي بالمتاع من خارج البلد ليبيعه فيها بل قال بعضهم: إن التقيد بالغريب ليس بشرط، فلو كان عند واحد من أهل البلد متاع مخزون من قمح ونحوه، ثم أخرجه ليبيعه دفعة واحدة فقال له شخص آخر ليباع تدريجياً فإنه يأثم، سواء كان من أهل البلد أو كان غريباً مثله، وسواء كان هو الذي يتولى بيعه له أو غيره، لأن العلة في النهي متحققة في الحالتين: وهما: التضييق على الناس، وغلاء الأسعار. واعتمد بعضهم أن يكون القادم بالمتاع غريباً. أما القائل بأنه يأثم مطلقاً سواء كان غريباً أو من أهل البلد. فإنما يحرم ذلك بثلاثة شروط: أحدها أن يكون المتاع مما تعم الحاجة إليه في ذاته كالطعام وإن لم يكن جميع أهل البلد في حاجة إليه، بل يكتفي احتياج طائفة ولو كانوا غير مسلمين، فإذا كان الطعام لا تعم الحاجة إليه كالفاكهة ونحوها فإنه لا يحرم فيها ذلك. ثانيها: أن يكون القادم قاصداً لبيع السلعة بسعر يومه، أما إذا كان يريد بيعها على التدريج فقال له شخص: أنا أتولى لك بيعها تدريجاً فإنه لا يأثم، لأن القائل لم يضر بالناس في هذه الحالة، ولا سبيل لمنع صاحب السلعة بيعها تدريجاً لأن المالك يتصرف كما يشاء في حدود الدين. ثالثها: أن يستشيره صاحب السلعة فيما هو أنفع له، هل البيع تدريجاً أو البيع دفعة واحدة؟ وفي هذا خلاف: والمعتمد أنه يجب عليه أن يشير عليه بما هو الأنفع له. فإذا قال له: بعه تدريجاً، أو أتولى لك بيعه تدريجاً فإنه لا يأثم.

الحنفية – قالوا: المراد بالحاضر السمسار، والبادي البائع القروي، فلا يصح أن يمنع السمسار “ساكن الحضر” البائع القروي من البيع فيقول له: لا تبع أنت فإنني أعلم بذلك منك فيتوكل له ويبيع ما جاء به من سلعة.

وحكم هذا أنه مكروه تحريماً فهو صغيرة من الصغائر، وإنما يكره في حالة ما إذا كان الناس في حالة قحط واحتياج فإن هذا يضر بهم، فيزيد عليهم ثمن السلعة ويضيق عليهم، أما إذا كان الناس في حالة رخاء وسعة فإنه لا يكره).

ومنها تلقي الركبان القادمين بالسلع على تفصيل في المذاهب

(المالكية – قالوا: ينهى عن تلقي السلع التي ترد إلى بلد من البلدان لتباع فيها، فلا يحل لشخص أن يقف خارج البلدة ويتلقى البائعين الذين يحضرون بسلعهم فيشتريها منهم، لأن في ذلك إضرار بأهل البلدة وتضييقاً عليهم، فإذا ابتعد عن البلدة مسافة ستة أميال فإنه يصح له حينئذ أن يشتري من تلك السلع ما يشاء، سواء كان لتجارة أو لقوت، وسواء كانت البلدة الواردة إليها السلع لها سوق أو لا على المعتمد. أما من كان على مسافة أقل من ستة أميال، فإن كان للبلد سوق فإنه لا يجوز له أن يشتري للتجارة. أما للقوت فإنه يجوز. وإن لم يكن لها سوق فإنه يجوز أن يشتري للتجارة وللقوت. فإذا وصلت السلع إلى البلد فإن كان لها سوق فلا يجوز الأخذ منها مطلقاً إلا إذا وصلت السوق، وإن لم يكن لها سوق جاز الأخذ منها مطلقاً للتجارة وللقوت.

وإذا كان صاحب السلعة في البلد والسلعة في بلد آخر، وكان يريد أن يأتي بها ليبيعها في البلدة الموجودة فيها فإنه لا يجوز شراؤها منه بالوصف قبل وصولها أيضاً، وشراء السلعة الممنوع تلقيها صحيح ويضمن المشتري بمجرد العقد. ولكن هل يختص بها المشتري بعد شرائها أو يلزم بعرضها على أهل السوق ليشاركه فيها من يشاء؟ قولان مشهوران:

ويستثنى من هذه السلع: الثمار والخبز، وجمال السقائين.

الحنفية – قالوا: يكره تحريماً تلقي الركبان الذين يأتون بالسلع ليبيعوها في بلد من البلدان لأن المشتري إما أن يتلقى السلع مع حاجة أهل البلد إليها ثم يبيعها لهم بالزيادة فيضر بهم، وإما أن يغرر بالواردين فيشتري منهم بسعر أرخص من سعر السلعة وهم لا يعلمون، فالكراهة تتحقق في الصورتين.