الفقه علی المذاهب الاربعة-ج2-ص818
الرابع: لحم الجراد وهو ربوي على الراجح، فكل جنس من هذه الأجناس الأربعة لا يجوز بيع بعض الجنس الواحد منه ببعضه إلا مثلاً بمثل يداً بيد، فلا يصح أن يبيع رطلاً من الضأن برطلين من المعز، ولا برطل ونصف من البقر مثلاً، ولا أن يبيع لحم حوت بلحم ترسة أو شلبة، ولا لحم أوز بلحم حمام مع التفاضل وهكذا، كما لا يصح أن يبيع رطلاً رطباً برطل جاف. وأيضاً لا يصح تأجيل القبض بل يجب أن يأخذ المشتري المبيع والبائع الثمن مناجزة أما بيع لجم جنس بجنس آخر فإنه يصح مفاضلة، فيصح أن يشتري رطلاً من لحم الضأن برطلين من لحم الحوت. كما يصح أن يشتري رطلين من لحم البقر برطل من لحم طير. وإنما يشترط في صحته المناجزة قليلاً يصح تأجيل القبض كما يصح بيع الجنس الجاف بالجنس الآخر الطري. فيصح أن يبيع لحم البقر الطري بلحم السمك المجفف “البكلاه” لاختلاف الجنسين. وحاصل ذلك أن بيع لحم الجنس الواحد ببعضه لا يجوز إلا بشرطين:
الأول: المماثلة في القدر، فلا يصح الزيادة في أحد البدلين “المبيع والثمن”.
الثاني: المناجزة بأن يقبض كل من البائع والمشتري ماله.
أما بيع جنس بجنس آخر غيره فإنه يشترط فيه شرط واحد وهو المناجزة، هذا وقد اختلف في الجراد، فقال بعضهم: إنه ليس بطعام فلا يدخله الربا، وقال بعضهم: إنه طعام وهو الراجح فيكون جنساً مغايراً للطير بيعه بغيره من الأجناس المذكورة. ولا يصح بيع بعضه إلا مثلاً بمثل يداً بيد.
وهل الطبخ بالخضر المختلفة كالبامية والملوخية والقرع ونحو ذلك يخرج اللحم عن جنسه أو لا؟ وكذلك ما يحدث في اللحم من الصناعة التي تخالف الأخرى يجعله جنساً مغايراً للآخر أو لا؟ خلاف.
وإذا بيع لحم فيه عظم بلحم خال من العظم فالمشهور أنه لا بد من تساويهما في الوزن بقطع النظر عن العظم. وقيل: يتحرى القدر الذي فيه من العظم ويحذف من الوزن.
هذا إذا كان العظم يؤكل “كالقرقوش”، أما إذا كان لا يؤكل فإنه يصح بيع اللحم المشتمل عليه باللحم الخالي عنه مفاضلة.
أما بيع اللحم بحيوان حي فإنه كان من جنسه وكان مأكولاً فإنه لا يصح، كبيع لحم خروف بجدي من المعز، وبيع لحم بقر بخروف وهكذا لأن اللحم قبل السلخ مجهول وبعده معلوم، ولا يجوز بيع معلوم بمجهول من جنسه، وأما بيعه بجنس آخر فإنه يجوز، ولكن إذا كان المبيع الحيوان الحي مما تطول حياته وكان له منفعة كثيرة سوى اللحم يقتنى من أجلها فإنه يصح بيعه باللحم مناجزة ونسيئة، وذلك كالإبل والبقر وإناث الضأن والمعز، لأن لها منفعة سوى اللحم وتطول حياتها، لأن الإبل تقتني لحم الأثقال والألبان، والبقر يقتني للحرث والألبان، وإناث الضأن والمعز تقتني للألبان والصوف في إناث الضأن. أما إذا كان الحيوان مما لا يطول أجله كبعض الطيور الدواجن، أو كان لا منفعة له سوى اللحم كذكور المعز “الجديان” أو كان له منفعة سوى اللحم ولكن يسيرة لا كثيرة كذكور الضأن بالخروف المخصي، فإنه لا ينتفع إلا بالصوف وهي منفعة يسيرة بالنسبة لما قبله، فإنه لا يصح بيعه باللحم إلا مقايضة يداً بيد.
أما بيع اللحم الذي يؤكل بالحيوان الذي لا يؤكل فإنه جائز كبيع بقرة بحمار أو فرس. ويكره بيع لحم ما يؤكل بالحيوان الذي يكره أكله كبيع لحم طير بهر أو ذئب.