پایگاه تخصصی فقه هنر

الفقه علی المذاهب الاربعة-ج2-ص808

المالكية – قالوا: علة تحريم الزيادة في الذهب والفضة النقدية، أما في الطعام فإن العلة تختلف في ربا النسيئة وربا الفضل. فأما العلة في تحريم النسيئة فهي مجرد المطعومية على غير وجه التداوي، فمتى كان طعاماً للآدمي فإنه يحرم ربا النسيئة، سواء كان صالحاً للادخار والاقتيات الآتي بيانهما أو لا، وذلك كأنواع الخضر من قثاء وبطيخ وليمون ونارنج رخص وكراث وجزر وقلقاس وكرنب ونحو ذلك. ومثل الخضر أنواع الفاكهة الرطبة كالتفاح والموز، فكل هذه الأصناف يدخلها ربا النسيئة ولا يدخلها ربا الفضل، فيصح بيع كل جنس منها بجنس آخر أو بجنسه مع زيادة بشرط التقابض في المجلس. أما بيعها كذلك لأجل فإنه ممنوع، فيصح أن يبيع رطل من التفاح برطلين مقابضة. وكذلك يصح أن يبيع الجزر بالخس بزيادة أحد الجنسين على الآخر بشرط القبض.

وأما العلة في تحريم ربا الفضل فهي أمران: أن يكون الطعام مقتاتاً ومعنى كونه مقتاتاً: أن الإنسان يقتات به غالباً بحيث تقوم عليه بنيته، بمعنى أنه لو اقتصر عليه يعيش بدون شيء آخر. ثانيهما: أن يكون صالحاً للادخار، ومعنى كونه صالحاً للادخار: أنه لا يفسد بتأخيره مدة من الزمن لا حد لها على ظاهر المذهب خلافاً لمن قال: إن الصالح للادخار هو الذي بقي بدون فساد ستة أشهر. والراجح أن المرجع في ذلك للعرف، فما يعده العرف صالحاً للادخار كان كذلك. فكل ما وجدت فيه هذه العلة فإنه يحرم فيه ربا الفضل، كما يحرم فيه ربا النساء من باب أولى.

وتفسير العلة بالاقتيات والادخار هو القول المعلول علية في المذهب، وهناك أقوال أخرى في تفسير العلة المذكورة أشهرها أن يزاد على الاقتيات والادخار قيد ثالث، وهو كون الطعام متخذاً لعيش الآدمي غالباً، فيخرج بذلك البيض والزيت لأنهما لم يتخذا عيشاً للآدمي غالباً فلا يمنع فيهما الربا. وقد عرفت أن المعول عليه في المذهب هو التفسير الأول، فالراجح أن البيض والزيت يدخلهما الربا لأنهما يقتاتان ويصلحان للادخار). على أن الظاهرية اقتصروا على الأشياء المذكورة في الحديث.

4 مبحث بيع الحبوب بأجناسها وبغير أجناسها

من الأصناف الستة المذكورة في الحديث المتقدم بيع البر بالبر، والشعير بالشعير، وقد قاس الأئمة على هذين النوعين غيرهما من أنواع الحبوب على حسب اختلاف وجهة نظرهم في العلة كما علمت، فلا يصح بيع القمح بالقمح إلا مثلاً بمثل يداً بيد كما هو منصوص في الحديث، وكذلك الشعير. ولكن يصح (المالكية – قالوا: الشعير والقمح جنس واحد وكذلك السلت “الشعير النبوي” فالثلاثة لا تفاوت بينها لأن المعول عليه في اتحاد الجنس واستواء المنفعة أو تقاربها.