الفقه علی المذاهب الاربعة-ج2-ص796
والثاني: إذا رآه المشتري فإن رؤيته لا تكون كرؤية الكل لكونه يسيراً، أما إذا كان المقلوع مما يباع بعد القلع بالعدد كالفجل فإن رؤيته بعد القلع لا تسقط الخيار وإن كان لها قيمة، لأنه يتفاوت في الكبر والصغر فلا تساوي بين أفراده. فإذا قلع المشتري شيئاً بدون إذن البائع لزمه البيع وسقط خياره إلا أن يكون المقلوع يسيراً.
وأما بيع ما ينبت بالتدريج فيظهر بعضه ويخفى بعضه كالورد والياسمين ففيه اختلاف: فقد أفتى بعضهم بجواز بيعه لتعامل الناس به استحساناً. وقال بعضهم كالمعدوم فلا يصح بيعه.
ومنها: بيع الصوف على ظهر الغنم قبل جزه، لأنه قبل الجز ليس مالاً متقوماً بل هو جزء من الحيوان لقيامه به كسائر أطرافه، ولو سلمه قبل العقد لم ينقلب صحيحاً لأنه وقع باطلاً. ومثله كل ما له اتصال بحسب خلقته بالمبيع كجلد الحيوان، ونوى التمر، وبذر البطيخ، فإن بيع ذلك باطل لكونه كالمعدوم.
ومنها: بيع السمك قبل صيده بالنقود من قروش ونحوها، وإنما كان باطلاً لأن المبيع معدوم غير مقدور على تسليمه. وكذلك بيعه بالعرض “المتاع القيمي” إذا كان السمك غير معين كما إذا قال له: بعتك ما اصطاده من سمك بهذا البطيخ، ومثله ما إذا جعل العرض مبيعاً والسمك ثمناً.
(يتبع…)
(تابع… 1): ومن البيع الفاسد أن يتصرف المشتري ببيع ما اشتراه قبل قبضه على تفصيل… …
كما إذا قال له: بعني هذا البطيخ بما اصطاده من سمك، أما إذا كان السمك معيناً وجعل العرض مبيعاً كأن قال له: بعني هذه البطيخة بحوت أصطاده لك فإن البيع يكون فاسداً. والفرق بين الأمرين: أن السمك المطلق لا يعقل جعله ثمناً ولو ملكه بعد صيده. أما السمك المعين فإنه يمكن أن يكون ثمناً، فإنما لو اصطاد غيره لم يكن هو الذي جعله ثمناً، وإذا اقتطع من النهر أو الترعة قطعة بجسر ونحوه ثم أدخل فيها السمك، فإن كان قد أعدها للصيد فإن السمك يصبح مملوكاً له، ثم إن كان يمكن إمساكه بدون حيلة صح بيعه لأنه يكون مملوكاً مقدور التسليم. أما إذا لم يمكن فإنه لا يصح بيعه. وإذا لم يكن قد أعدها للصيد كأن حفر مصرفاً لسقي ثم دخل فيه السمك فإن سده عليه ملكه، وإلا فلا يملكه فلا يصح له بيعه. وإن اصطاده من الترعة أو النهر ثم أرسله في المصرف أو القناة فإنه يكون مملوكاً له، ويصح بيعه وهو في الماء إن قدر على إمساكه بدون حيلة.
وفي تأجير برك الماء التي يجتمع فيها السمك خلاف: فبعضهم يقول بجوازه، وبعضهم يقول لأنه، لا يصح تأجير المراعي.
ومنها: بيع اللبن في الضرع على التحقيق، وإنما كان باطلاً لأنه لا يعلم إن كان لبناً أو دماً أو غير ذلك فهو مشكوك في وجوده.