الفقه علی المذاهب الاربعة-ج2-ص782
وحكم هذا: أن البيع يقع صحيحاً في الصورتين، سواء كان المبيع في مكان قريب أو بعيد ولو كان البائع غير قادر على تسليمه في الحال، ولكن يشترط أن يقدر على استحضاره، ثم إن وجده المشتري لم يتغير عن حاله فلا خيار، وإن وجده متغيراً فله فسخ البيع على التراخي كخيار العيب، ما لم يحصل منه ما يدل على الرضا مما تقدم في مبحث خيار الشرط.
الصورة الثالثة: أن يكون المبيع مما يطرأ عليه التغيير في المدة التي رآه فيها قبل العقد يقيناً أو ظناً أو شكاً فإن العقد لا يصح، لأن المشتري يعلم به في هذه الحالة.
وإذا اختلف المتعاقدان في الصفة فقال المشتري: بعت لي الثوب على أنه مصري وقال البائع: بل على أنه شامي، أو قال المشتري: إن المبيع الذي رأيته قبل العقد تغيرت صفته، وقال البائع: بل هو باق على حاله، فإن القول في الحالتين يكون للمشتري بيمينه).
5 مبحث البيع الفاسد وما يتعلق به
الفاسد (الحنفية – قالوا: إن الباطل والفاسد في البيع مختلفان، فلكل واحد منهما معن يغاير معنى الآخر، فالباطل هو ما اختل ركنه أو محله، وركن العقد هو بالإيجاب والقبول كما تقدم. فإذا اختل ذلك الركن كأن صدر من مجنون أو صبي لا يعقل، كان البيع باطلاً غير منعقد. وكذلك إذا اختل المحل وهو المبيع كأن كان ميتة أو دماً أو خنزيراً فإن اليع يكون باطلاً. وأما الفاسد فهو ما اختل فيه غير الركن والمحل كما إذا وقع خلل في الثمن بأن كان خمراً. فإذا اشترى سلعة يصح بيعها وجعل ثمنها خمراً انعقد البيع فاسداً ينفذ بقبض المبيع ولكن على المشتري أن يدفع قيمته غير الخمر، لأن الخمر لا يصلح ثمناً كما تقدم. وكذلك إذا وقع الخلل فيه من جهة كونه غير مقدور التسليم، كما إذا باع شيئاً مغصوباً منه ولا يقدر على تسليمه، أو وقع الخلل فيه من جهة اشتراط شرط لا يقتضيه العقد كما سيأتي، فإن البيع في هذه الأحوال فاسداً لا باطلاً. ويعبرون عن الباطل بما لم يكن مشروعاً بأصله ووصفه، ويريدون بأصله ركنه ومحله كما عرفت، ومعنى كون الركن مشروعاً. أن لا يعرض له خلل، ومعنى كون المحل مشروعاً: أن يكون مالاً متقوماً. وقد تقدم تعريف المال المتقوم في تعريف البيع، ويريدن بوصفه ما كان خارجاً عن الركن والمحل كالشرط المخالف لمقتضى العقد، وكالثمنية فهي صفة تابعة له وإن كان البيع يتوقف على الثمن أيضاً ولكن الأصل فيه المبيع، ولذا ينفسخ البيع بهلاك المبيع دون هلاك الثمن لأن الثمن ليس مقصوداً وإنما هو وسيلة للانتفاع بالأعيان، فاعتبر من هذه الناحية وصفاً خارجاً عن البيع، وحكم البيع الفاسد: أنه يفيد الملك بالقبض، بخلاف البيع الباطل فإنه لا يفيد الملك أصلاً وسيأتي.