الفقه علی المذاهب الاربعة-ج2-ص760
الحنابلة – قالوا: لا يشترط الفور في رد المبيع بالعيب، بل يصح أن يكون على التراخي لأنه شرع له لدفع ضرر متحقق، فلم يبطل بالتأخير إلا إذا كان مقترناً بما يدل على الرضا. كما إذا اتسعمل الثوب بعد العلم بعيبه، أو أجر العين، أو ركب الدابة ونحو ذلك، إلا إذا كان قد ركبها ليختبرها أو ركبها ليقطع بها الطريق ليردها إلى البائع، فإن هذا لا يدل على الرضا. ولا يفتقر الرد إلى رضا البائع، ولا إلى حضوره، ولا إلى حكم حاكم سواء كان الرد قبل القبض أو بعده، فمتى أعلن فسخ العقد أصبح غير مسؤول عن البيع خيار التغرير الفعلي).
6 مبحث في حكم صر لبن الحيوان قبل بيعه “المصراة”
مسألة المصراة هي التي أشرنا إليها في أول مبحث الرد بالعيب، وهي مأخوذة من التصرية. ومعناها: جمع اللبن وحبسه في ضرع الحيوان بفعل البائع ليكبر الضرع، فيغتر المشتري بذلك ويشتريها ظناً منه أن عظم الضرع لسبب كثرة اللبن طبيعية، ويسمى هذا وهو منهي عنه شرعاً. فقد روى أبو هريرة أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: “ألا تصروا الإبل والغنم. فمن ابتاعها فهو بخير النظرين بعد أن تحليها، إن شاء أمسك، وإن شاء ردها وصاعاً من تمر” متفق عليه.
وتصروا – بضم التاء وفتح الصاد – على وزان تركوا معناه: لا تجمعوا اللبن وتحبسوه في ضرع الناقة أو الشاة. وقوله ابتاعها معناه: اشتراها وقوله: فهو بخير النظرين معناه: أنه مخير بين إمساكها وردها.
وفي حكم المصراة من حيث الرد وعدمه اختلاف المذاهب
(الشافعية – قالوا: إذا اشترى المصراة فحلبها فإن له ردها مع رد صاع من تمر معها. وكذا إذا استهلك لبنها بغير الحلب كأن ترك ولدها يرضعها. وإذا علم أنها مصراة قبل أن يتلف لبنها فإن له ردها بدون أن يكون ملزماً برد شيء معها: كما لا يلزم برد صاع التمر بخصوصه إذا اتفق المتعاقدان على غيره فيصح أن يرد بدل اللبن نقوداً أو براً أو غيرهما مع الاتفاق. واللبن الذي يجب معه الرد هو لبن مأكول اللحم، أما لبن غيره كالأتان فإنه لا يرد بدله. وإن كانت التصرية عيباً فيه يرد به. وكذا لا يرد بدل القليل التافه، وإذا كرر حلبها فإنه لا يلزم إلا برد صاع واحد، نعم إذا كانت الناقة أو الشاة ملكاً لشركاء متعددين، أو اشتراها شركاء فإن لكل واحد من البائعين صاعاً، وعلى كل واحد من الشارين صاعاً.