الفقه علی المذاهب الاربعة-ج2-ص744
وكذلك إذا طرأ عليه عيب، فإن كان مما يمكن زواله كالمرض ونحوه فإن زال في مدة الخيار فهو على خياره وإن لم يزل لزوم العقد، وإن كان مما لا يمكن زواله وكان في يد المشتري وكان له الخيار فإنه يلزم بثمنه لا بقيمته، بخلاف ما إذا كان الخيار للبائع فإنه يلزم بقيمته كما تقدم، ولا فرق بين أن يكون العيب حاصلاً بآفة سماوية، أو بفعل المشتري، أو بفعل أجنبي. واختلف فيما إذا كان بفعل البائع وكان الخيار للمشتري. فقال محمد: إن خيار المشتري يبقى على حاله، إن شاء أجاز البيع ويأخذ قيمة ما نقص وإن شاء رده. وقالا: إن البيع يلزم ويرجع المشتري على البائع بالقيمة إذا كان المبيع قيمياً كالحيوان والمتاع والأرض ونحو ذلك، فإن كان مثلياً كالفضة مثلاً وأحدث به البائع أو المشتري عيباً فإنه لا يحل له أخذ قيمة ما نقص منه لأنه يكون رباً، مثلاً إذا كان المبيع أسورة من فضة قبضها المشتري الذي له الخيار ثم كسرها البائع فإنه في هذه الحالة لا يحل للمشتري أن يأخذ قيمة ما نقص من ثمنها نقوداً، ولكن له الخيار في أن يمسك العين بلا مطالبة بالنقصان، أو يسلمها ويطالب بمثلها أو قيمتها كلها.
الثالث: وهو ما كان الخيار فيه لهما، وحكمه أنه لا يخرج شيء من المبيع والثمن عن ملك البائع والمشتري باتفاق، فإذا فسخ البيع واحد منهما في المدة انفسخ، وإذا أجازه أحدهما أصبح العقد لازماً بالنسبة له مع بقاء الآخر على خياره، وإذا لم يوجد إجازة ولا فسخ بل سكتا حتى انقضت مدة الخيار لزم البيع. وإذا أجاز أحدهما وفسخ الآخر البيع بينهما، سواء كان السابق الفسخأو الإجازة، وإذا هلك المبيع قبل أن يقبضه المشتري بطل البيع. وكذلك إذا هلك الثمن قبل أن يقبضه البائع إذا كان عيناً، ويبطل البيع أيضاً إذا هلك المبيع أو الثمن بعد القبض، ولكن يكون على من قبضه قيمته. ثم إن الزيادة الناشئة عن المبيع تكون موقوفة في مدة الخيار، فإن تم البيع كانت للمشتري، وإن لم يتم كانت للبائع. وسيأتي بيان ما يفسخ البيع فيها ولا يفسخ في مباحث خيار العيب.
المالكية – قالوا: لا يخرج المبيع عن ملك البائع في زمن الخيار على المعتمد، سواء كان الخيار للبائع، أو للمشتري، أو لهما معاً، أو لأجنبي. فإمضاء العقد ينقل المبيع من ملك البائع لملك المشتري، ثم لا يخلو: إما أن يكون الخيار للبائع أو للمشتري أو لهما، فإن كان الخيار للبائع وقبض المشتري المبيع وادعى أي مما يمكن إخفاءه مع وجوده سالماً كالثياب والحلي، فإنه يمكن إخفاؤها مع بقائها سالمة، وفي هذه الحالة إذا ادعى المشتري ضياع المبيع المقبوض له ولم يقم بينة على صدقة فإنه يكون ملزماً به. أما إذا أقام البينة على صدق دعواه فإنه لا ضمان عليه بل على البائع.