الفقه علی المذاهب الاربعة-ج2-ص726
وأما الإكراه على سبب البيع ففيه خلاف: فبعضهم يقول: إنه بيع غير لازم أيضاً، وبعضهم يقول: إنه بيع لازم. والأول هو المشهور في المذهب، ولكن الثاني هو الذي عليه العمل، وذلك لأن فيه مصلحة البائع، إذ لو فرض أن ظالماً طلب من شخص مالاً لم يكن قادراً عليه فسجنه لذلك وعنده عين إذا باعها يحصل على ذلك المال ويخلص من عذاب السجن، فإذا قلنا إن بيعها غير لازم لم يقدم أحد على شرائها وفي ذلك ضرر بالمسجون فلذا أفتى كثير من أئمة المالكية بلزوم البيع للمصلحة. وعلى القول بعدم لزومه، فإذا استرده البائع فعليه أن يرد ما أخذه من الثمن على المعتمد.
أما الإكراه بحق فإنه لا يمنع نفاذ البيع. بل قد يكون واجباً وذلك كما إذا أجبر السلطان عاملاً من عماله على بيع ما في يده ليعطي للناس ما أخذه من أموالهم ظلماً، فإن هذا الإكراه مطلوب إلا إذا كان ذلك العامل قد اغتصب منهم عيناً باقية في يده فإنه يردها لهم بدون أن يجبر على بيع ما عنده. وكذلك إذا حكم القاضي ببيع ملك المدين لإيفاء الغرماء حقوقهم، فإنه إكراه بحق لا يمنع نفاذ البيع.
الشافعية – قالوا: بيع المره لا ينعقد رأساً إلا إذا قصد إيقاع العقد ونواه حال الإكراه، فإنه في هذه الحالة لا يكون مكرهاً، وينقسم الإكراه إلى قسمين: إكراه بغير حق وهو الذي لا ينعقد معه البيع، سواء أكرهه على التسليم وقبض الثمن أو لم يكرهه، لأنه إذا سلم باختياره أو قبض الثمن باختياره مع بطلان صيغة العقد فإنه لا يعتبر هذا بيعاً، إذ لا ينعقد البيع إلا بصيغة صحيحة. وإذا أكرهه على أمر يضطره إلى البيع كما إذا طلب منه ظالم مالاً غير موجود معه فجبره ذلك على بيع ملكه فإن البيع في هذه الحالة صحيح على الصحيح، لأنه لم يكره على البيع، وإنما أكره على سببه.
وعلى المكره أن يرد ما أخذه من ثمن إلا إذا هلك في يده بدون تفريط فإنه لا يضمنه. أما الإكراه بحق فهو كأن يكرهه الحاكم أو من له شوكة على بيع ملكه وفاء لدين عليه وهذا الإكراه لا يضر العقد فيقع معه صحيحاً نافذاً. وبيع الهازل فيه وجهان: أصحهما انعقاد البيع نظراً للفظ).
5 الركن الثالث: المعقود عليه