الفقه علی المذاهب الاربعة-ج2-ص722
الشافعية – قالوا: ينعقد البيع والشراء بكل لفظ يدل على التمليك مفهم للمقصود، وهو قسمان: صريح. وكناية. فالصريح ما لا يحتمل غير البيع مما يدل على البيع والشراء كبعتك هذه السلعة بكذا، واشتريتها منك بكذا. وأما الكناية فهي اللفظ المحتمل لمعنى آخر غير البيع كقول البائع: أعطيتك هذا الثوب بذلك الثوب، أو أعطيتك تلك الدابة بتلك، فإن ذلك يحتمل البيع ويحتمل الإعارة. فإذا نوى بذلك البيع والشراء صح، فإن قرن اللفظ المحتمل بذكر الثمن يكون صريحاً كوهبتك هذه الدار بمائة دينار، فإن لفظ الهبة إن لم تكن مقترنة بذكر الثمن تكون هبة، فإن اقترنت بالثمن تكون بيعاً. وكذا كل لفظ يدل على التمليك إذا قرن بذكر الثمن كجعلت لك هذه الدار بثمن كذا، أو عوضتك هذا بكذا، أو صارفتك ذا بكذا، فكل هذا ظاهر الدلالة في البيع لذكر الثمن، ومثل ذلك ما إذا قال المشتري: اشتريت وقبلت فإن في ذلك دلالة ظاهرة على الشراء، بخلاف ما إذا قال: تملكت فقط، فإن ذلك كناية تحتمل التملك بالشراء وتحتمل التملك بالهبة وغيرهما. وكما ينعقد البيع بالصريح ويحل فكذلك ينعقد بالكناية ويحل، إلا أن الصريح أقطع للنزاع وأحسن في رفع الخصومات. ومن الكناية أن يأتي البائع بالمضارع في الإيجاب كأن يقول: أبيعك أو يأتي المشتري بالمضارع في القبول، كأن يقول: أقبل فإن البيع يصح فيهما بالنية، وإن كانت النية لازمة في كل صيغة كما يأتي في الشروط. وللشافعية فرق بين النية وقصد اللفظ لمعناه. ويصح أن يتقدم القول على الإيجاب كأن يقول المشتري: بعني كذا بكذا، فلفظ بعني معناه طلب الإيجاب وهو قائم مقام القبول، فيصح جعله من أفراده إذا كان بصيغة الأمر أما إذا كان بصيغة الاستفهام كقوله: هل تببعني كذا؟ فإنه لا يصح ولا يضر تقييد اللفظ بالمشيئة كقوله: اشتر مني كذا إن شئت ولكن بشروط أربعة: الأول أن يذكرها المبتدي سواء كان بائعاً أو مشترياً. الثاني أن يخاطب بها مفرداً، فإن خاطب بها جماعة فإنها لا تنفع. الثالث أن يفتح تاء المخاطب إن كان نحوياً. الرابع أن يؤخرها عن الصيغة سواء كانت إيجاباً أو قبولاً، فإن فقد شرط من هذه الشروط بطل العقد. أما إذا علق الصيغة بقول إن شاء اللّه، أو بأي تعليق لا يقتضيه العقد كقوله: إن شاء فلان؛ فإن ذلك يبطل العقد.
الحنابلة – قالوا: كل لفظ يؤدي معنى البيع والشراء ينعقد به، فلا تنحصر الصيغة القولية في لفظ معين، فينعقد بالإيجاب من البائع بقول: بعتك، أو ملكتك، أو وليتك، أو أشركتك في كذا، أو وهبتكه بكذا، أو أعطيتك كذا بكذا ونحو ذلك.
ومن المشتري بقول قبلت، أو رضيت، أو اشتريت، أو تملكت، أو أخذت، أو استبدلت ونحو ذلك، وهل يصح البيع بلفظ السلم والسلف أو لا؟ كأن يقول: سلفتك أو أسلمت لك كذا بكذا: خلاف، فقيل يصح، وقيل لا. ويجوز أن يتقدم القبول على الإيجاب ولكن يلمزم أن يكون بلفظ الأمر كأن يقول: بعني كذا بكذا، فإن كان بلفظ الماضي أو المضارع فإنه يجب أن يكون مجرداً عن الاستفهام والتمني والترجي فيقول: تببعني كذا، أو تببعني كذا بكذا، فإن قال: بعت صح. أما إن قال: هل بعتني أو هل تببعني؟ أو ليتك بعتني، أو لعلك بعتني فإنه لا يصح. ولا يضر تقييد البيع والشراء بالمشيئة، فلو قال البائع: بعت إن شاء اللّه، أو قال المشتري: اشتريت إن شاء اللّه صح البيع، ولكل من البائع والمشتري حق الرجوع ما داما في المجلس ولو بعد تمام العقد، لأن لهما خيار المجلس كما يأتي بيانه).