الفقه علی المذاهب الاربعة-ج2-ص718
وينقسم الصحيح إلى أقسام: الأول: بيع أعيان مشاهدة. الثاني بيع أعيان موصوفة في الذمة ويسمى سلماً. والذمة تطلق في اصطلاح الفقهاء على معنيين: أحدهما الذات – ذات البائع هنا – وسميت ذمة لما يتعلق بها من العبد والأمان وهو المعنى اللغوي، ثانيهما أمر معنوي قائم بذات الشخص قابل للإلزام من جهة الشرع والالتزام من جهة المكلف، فذمة الشخص صفة معنوية قائمة به يلزمه الشارع بسببها بأداء ما التزم به. الثالث: بيع صرف وهو بيع أحد النقدين بالآخر من جنسه أو من غير جنسه، لكن إذا كان من جنسه اشترط للصحة ثلاثة شروط: أن يكون البيع حالاً لا مؤجلاً. وأن يكون يداً بيد “مقابضة”. وأن يكون المبيع والثمن متماثلين، أما إن كان غير جنسه فإنه يشترط فيه الأولان فقط، وسيأتي بيان ذلك في بابه. الرابع: بيع مرابحة وهو بيع بالثمن الأصلي مع الربح كأن يقول: بعت بما اشتريت مع ربح درهم عن كل عشرة أو مع فائدة ردهم. الخامس: بيع إشراك كأن يقول: أشركتك معي في العقد بثلث ما اشتريت، فإن قال: أشركتك معي ولم يقل بثلث ولا غيره حمل علي المناصفة. السادس بيع المحاطة كأن يقول: بعت بما اشتريت وحط درهماً من كل عشرة. السابع: بيع التولية وهي البيع بنفس الثمن الأول كأن يقول له: وليتك بما اشتريت إذا كانا عالمين بالثمن. الثامن: بيع الحيوان بالحيوان – ويسميه غيرهم مقايضة – وهو صحيح، سواء اتحد جنسهما أو اختلف، وسواء كانا مأكولين أو غير مأكولين بشرط أن لا يشتمل بيعه على ربا، وذلك بأن يكونا مأكولين واتحد جنسهما وكان فيهما لبن أو بيض، بخلاف ما إذا كانا غير مأكولين وإن كان فيهما ما ذكر. التاسع: بيع بشرط الخيار وسيأتي بيان العقود التي يحص فيها شرط الخيار والتي لا يصح. العاشر: بيع شرط البراءة من العيب، وأما الفاسد فإنه ينقسم إلى أقسام كثيرة سنذكرها في بابه).
4 حكم البيع ودليله
حكم البيع من حيث هو الإباحة، وقد تعرض له الوجوب وذلك في حال الاضطرار إلى طعام أو شراب، فإنه يجب شراء ما فيه حفظ النفس من الهلاك، ويحرم عدم بيع ما فيه حفظها. وقد يكون مندوباً كما إذا حلف عليه إنسان أن يبيع سلعة لا ضرر عليه في بيعها، فإنه يندب أن يبر اليمين وقد يكون مكروهاً كبيع ما يكره بيعه، وقد يكون محرماً كبيع ما يحرم بيعه مما سيأتي بيانه.
أما كونه مباحاً فهو معلوم من الدين بالضرورة، فلا يحتاج إلى دليل، ولكن الأدلة على ذلك كثيرة في كتاب اللّه وسنة رسوله، فأما الكتاب فقوله تعالى: وأحل اللّه البيع وحرم الربا
. وقوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراضٍ منكم
وقوله تعالى: وأشهدوا إذا تبايعتم