پایگاه تخصصی فقه هنر

الفقه علی المذاهب الاربعة-ج2-ص709

فأما نذر المعصية فهو حرام في المحرم، ومكروه في المكروه، ولا يفعل المنذور فيه إلا صوم رابع النحر والإحرام بالحج قبل زمانه أو مكانه فإنهما مكروهان، ولكن يلزمان بنذرهما، وتلغى الكراهة احتياطاً للنذر، إلا أن النذر المحرم لعارض كصيام يوم عيد الفطر أو الأضحى ينقسم إلى ثلاثة أقسام: أحدها أن يكون الناذر عالماً بتحريم ذلك، وفي هذه الحالة يستحب له أن يأتي بطاعة من جنس المنذور. ثانيها أن يكون جاهلاً بالتحريم فيظن أن في صوم هذا اليوم فضلاً على غيره لقهر نفسه ومنعها عن اللذات. وفي هذه الحالة لا يجب عليه القضاء ولا يستحب. ثالثها أن يظن أنه كغيره من الأيام في جواز الصيام. وفي هذه الحالة خلاف قيل يقضي وقيل لا يقضي.

وأما نذر المباح فإنه مباح كنذر الأكل والشرب ونحوهما. ولا يلزم فيه فعل المنذور. أما نذر الطاعة فهو ينقسم إلى قسمين: الأول نذر في حالة الغضب، سواء كان الغرض منه فعل قربة، أو كان الغرض منه منع النفس من فعل شيء ومعاقبتها وإلزامها بالنذر، ويسمى نذر اللجاج كقوله: للّه علي نذر إن كلمت فلاناً وهذا يجب الوفاء به، وبعضهم يرى في نذر اللجاج التخيير بين كفارة اليمين وفعل المنذور، والمشهور أنه يجب الوفاء به، وهذا النوع من النذر مكروه كما تقدم.

الثاني النذر في حال الرضا، ولا يلزم به غلا ما كان طلب فعله غير جازم كالسنة والرغيبة والمندوب بشرط أن يقع قربة دائماً كالصلاة والصيام والصدقة ونحوها. أما ما يكون في قربة تارة، وغير قربة تارة أخرى، كالنكاح والهبة فإنه لا يلزم بالنذر. وكذلك الفرض لا يلزم بالنذر لأنه لازم في ذاته، ويستحب من هذا النوع النذر المطلق كما تقدم.

وأما التزام النذر ابتداء من غير أن يكون شكراً على شيء وقع، كأن ينذر صوم كذا أو صدقة كذا فإنه يباح الإقدام عليه ويجب الوفاء به، وأما النذر المعلق على شيء لم يحصل كقوله: إن شفى اللّه مريضي، أو رزقني كذا: أو نجاني من كذا: فعلي صدقة كذا، فإنه يجب الوفاء به. واختلف في جواز الإقدام عليه كما تقدم.

ويشترط لصحة النذر أن يكون الناذر مسلماً، ويندب للكافر فعله بعد إسلامه. وأن يكون مكلفاً فإذا نذر الصبي فإنه يستحب له الوفاء به بعد بلوغه. وأن يكون المنذور قربة غير واجبة بغير النذر، فلا يصح بالمحرم أو المكروه أو المباح كما تقدم.

ولا يشترط للنذر صيغة خاصة، فيلزم بكل لفظ دال على الالتزام ولو لم يذكر فيه لفظ النذر وقد اختلفوا في أنه يلزم بالنية ولو لم يذكر لفظ أو لا يلزم، والمعتمد أنه لا يلزم إلا بلفظ فلا يلزم بالنية وحدها.