الفقه علی المذاهب الاربعة-ج2-ص708
الحنابلة – قالوا: ينقسم النذر المنعقد إلى ستة أقسام: الأول النذر المطلق وهو أن يقول: علي نذر، أو للّه علي نذر ولم ينو بنذره شيئاً معيناً سواء قال: إن فعلت كذا، أو لم يقل، فيلزمه بهذا كفارة يمين لحديث: “كفارة النذر إذا لم يسم كفارة يمين” رواه ابن ماجة والترمذي. الثاني نذر اللجاج والغضب، وهو تعليق النذر بشرط يقصد منه الناذر المنع من المعلق عليه، أو الحث عليه، أو التصديق عليه إن كان خبراً كقول: إن كلمتك فعلي صوم كذا، يريد منع نفسه من كلامه وكقول: إن لم أضربك فعلي صلاة كذا، يريد حث نفسه على ضربه. وكقول: إن لم أكن صادقا فعلي صوم كذا يريد تحقيق الخبر وحكم هذا النذر أن الناذر مخير بين كفارة اليمين إذا وجد الشرط وبين فعل المنذور، والثالث نذر المباح كقوله: للّه علي أن ألبس ثوبي أو أركب دابتي، وحكم هذا أن الناذر مخير أيضاً بين فعل المنذور وكفارة اليمين. فنذر المباح كالحلف بفعله، فإنه إذا حلف أنه يأكل أو يشرب فإنه يكفر أو يفعل. الرابع نذر المكروه كالطلاق وأكل الثوم والبصل وترك السنة ونحو ذلك، وحكم هذا أنه يستحب للناذر أن يكفر كفارة اليمين، فإذا فعل المكروه فلا كفارة عليه لأنه وفى بنذره. الخامس نذر المعصية كشرب الخمر، وصوم يوم الحيض والنفاس، ويوم العيد، وأيام التشريق، وحكم هذا أنه لا يجوز الوفاء به ويقضي الصوم في ايام أخرى وعليه كفارة فإن وفى أثم ولا كفارة بنذره عليه.
السادس نذر التبرر “التقرب” يقال: تبرر “تقرب” وهو نذر القرب كالصلاة، والصيام والصدقة، والاعتكاف، وعيادة المريض، والحج، والعمرة، وتجديد الوضوء، وغسل الجمعة، والعيدين ونحو ذلك، سواء كان فرضاً أو نفلاً، فإن كانت نفلاً فلا خلاف في صحة نذرها وانعقاده، سواء نذرت مطلقة كأن تقول ابتداء: للّه علي أن أصوم كذا، أو نذرت معلقة على شيء كأن يقول: إن شفى اللّه مريضي، أو سلم مالي فللًّه علي كذا. فنذر التبرر على ثلاثة أقسام: أحدها ما كان في مقابلة نعمة يريد الحصول عليها أو نقمة يريد دفعها. ثانيها التزام طاعة من غير شرط كقوله ابتداء: للّه علي صوم أو صلاة كذا. ثالثها نذر طاعة لا أصل لها في الوجوب كعيادة المريض والإعتاق، كلها يلزم الوفاء بها.
أما إذا كانت فرضاً كصلاة الظهر مثلاً، أو حجة العمر، أو صوم رمضان، فقد اختلف في صحة نذره، فقال قوم: لا ينعقد النذر في الواجب، لأن النذر التزام، ولا يصح التزام ما هو لازم، ومثل هذا ما لو نذر محالاً كقوله: للّه عليّ أن أصوم أمس فإنه لا ينعقد أيضاً. وقال قوم: بل ينعقد نذرهما الواجب، فإن فعله فذاك، وإن تركه فعليه كفارة اليمين. وكفارة النذر واجبة على الفور.
ويشترط لصحة النذر بأنواه شروط: أن يكون الناذر مكلفاً فلا يصح من الصبي. وأن يكون مختاراً فلا يصح من المكره. وأن يكون بالقول فلا تنفع فيه الإشارة إلا من الأخرس إذا كانت إشارته مفهومة.
المالكية – قالوا: ينقسم النذر إلى أقسام: الأول نذر في معصية اللّه كأن ينذر فعل محرم من شرب خمر وأكل لحم خنزير، أو ينذر فعل طاعة نهى الشارع عن فعلها في وقت معين، كصيام يوم عيد الفطر، أو الأضحى، أو ينذر فعل مكروه. الثاني نذر في مباح. الثالث نذر في طاعة اللّه كنذر القرب من صيام وصلاة الخ.