الفقه علی المذاهب الاربعة-ج2-ص678
وإذا حلف لا يدخل دار فلان وله دور متعددة فدخل في أحدها وهي غير مسكونة ففي ذلك روايتان: الأولى أنه يحنث مطلقاً لأنه دخل داراً مملوكة له فهي منسوبة له وإن كان لا يسكنها. الثانية أنه لا يحلف إذا كانت مستأجرة لغيره، لأن الإضافة تبطل بالإجارة والتسليم كما تبطل بالبيع عند من يقول ذلك، أما إذا لم تكن مسكونة لغيره فإنه يحنث بالدخول فيها على أي حال، لأن إضافتها إليه باقية. وإذا حلف لا يدخل دار زيد فمات فدخلها بعد موته فإنه لا يحنث، لأنها انتقلت للورثة فلم تعد مملوكة له ولو كان عليها دين مستغرق لها على المفتى به، لأنها وإن بقيت حكم ملك الميت بالدين ولكن لم تكن مملوكة له من كل وجه. وإذا تهيأت امرأته للخروج كأن لبست الثياب المعدة له فقال:إن خرجت فأنت طالق، فرجعت وجلست حتى مضت ساعة ثم خرجت بعد ذلك فإنه لا يحنث، سواء غيرت هيئتها التي أرادت الخروج عليها كأن خلعت ثياب الخروج أو لم تغيرها. أما إذا كانت في دار أبيها فقال لها: إن لم تقومي وتذهبي إلى دارنا الساعة فأنت طالق، فقامت لساعتها ولبست ثياب الخروج وخرجت ثم رجعت وجلست حتى خرج الزوج فخرجت بعده إلى دارها فإنه لا يحنث. والفرق بين الحالتين: أن المحلوف عليه في الحالة الأولى عدم الخروج وهو ترك فيتحقق ضده وهو البقاء في المنزل على وجه الإعراض عنه، فإذا جلست معرضة عن الخرجة التي حلف عليها لا يحنث لتحقق عدم الخروج، سواء غيرت الهيئة أو لا، بخلاف الحالة الثانية؛ فإن المحلوف عليه فيها الذهاب إلى الدار وهو مثبت لا يتحقق إلا بفعله، والمطلوب منه الفعل إذا تهيأ له وجلس منتظراً له عازماً عليه لا يكون معرضاً عنه بل هو فاعل حكماً، لكن بشرط أن تبقى الهيئة الدالة له وجلس منتظراً له عازماً عليه لا يكون معرضاً عنه بل هو فاعل حكماً، لكن بشرط أن تبقى الهيئة الدالة على أنه في حكم الفاعل وأنه لم يعرض الفاعل؛ وإذاغير هيئته فقد أعرض عن الفعل ظاهراً.
وهذه اليمين تسمى يمين الفور، ويقدر الفور بساعة، فأقسام اليمين من حيث فعل المحلوف عليه وعدمه ثلاثة: مؤبدة “وتسمى مطلقة” لفظاً ومعنى مؤقتة كذلك. ومؤبدة لفظاً مؤقتة معنى وهي عين الفور، فيتقيد بالحال بناء على أمر حالي كما مثل، أو تقع جواباً لكلام يتعلق بالحال كما إذا قال له شخص: تعالى تغد معي، فقال له: إن تغديت فامرأتي طالق، فلفظ هذا اليمينمطلق غير مؤقت بوقت، ولكن معناه مقيد بالحال، لأنه واقع في جواب تغدو معي فلا يحنث إلا إذا تغدى معه. أما إذا تغدى منفرداً فإنه لا يحنث، سواء أكل الطعام الذي دعاه إليه أو أكل غيره، إلا إذا قال له: تغد معي طعام كذا فحلف لا يتغدى فيه يحنث إذا أكل من ذلك الطعام المدعو إليه، وإن قال: واللّه لا أتغدى اليوم فإنه يحنث في هذه الحالة بمطلق التغدي لأنه زاد في كلامه على الجواب، فيكون مبتدئاً لليمين إلا إذا نوى غير ذلك فإنه يصدق ديانة.
وإذا لم تقم قرينة على الفور كما تقدم في الأمثلة جعلت إذاً للفور وإن للتراخي، فإذا قال: إذا فعلت كذا فعلي كذا فإنه يلزمه الفعل فوراً فيحنث إذا أخره، بخلاف ما إذا قال: إن فعلت فإن الفعل يكون مطلقاً وقد ذكر هذا المثال هنا لمناسبة يمين الفور وإن كان محله في اليمين على الأكل.
المالكية – قالوا: إذا حلف لا يدخل بيتاً يحنث بدخول الحمام وبيت القهوة والوكالة والحانوت، والفرن والمعصرة والمجبسة ما لم يجر العرف بتخصيص البيت ببيت السكن بالزوجات كما هو في عرف مصر الآن. وعلى هذا لا يحنث إلا إذا دخل بيت السكن. وإذا حلف لا يدخل على فلان بيتاً فدخل الحالف في دار جار له فإذا فلان المحلوف عليه في بيت جاره، فإنه يحنث ما لم تكن له نية أو ليمينه بساط كما تقدم. وإذا حلف لا يدخل على فلان بيته فدخل بيت جاره فوجده فيها فإنه يحنث، لأن بيت جاره يشبه بيته لما للجار على جاره من الحقوق. ويشمل البيت بيت الشعر ما لم ينو بيت البناء بخصوصه، أو يكون ليمينه بساط كأن رأى بيتاً ينهدم على أهله فحلف بيتاً فإنه يخص حينئذ ببيت البناء.