الفقه علی المذاهب الاربعة-ج2-ص673
وإذا حلف لا يأكل لحم بقر فإنه يحنث إذا أكله أو أكل لحم الجاموس أو بقر الوحش البقر بتناولها، إما إذا حلف لا يأكل لحم الجاموس فإنه لا يحنث بأكل لحم بقر، وإذا حلف لا يأكل ضأنا أحدهما لا يطلق على الآخر لا لغة ولا عرفاً وإن كان يشملهما اسم غنم المقتضي اتحادهما في الجنس، وإذا حلف لا يأكل خبزاً فإنه يحنث بأكل الخبز بجميع أنواعه. سواء كان مأخوذاً من قمح أو الشعير أو الذرة أو الأرز أو الباقلا أو البطاطس أو نحو ذلك ولو كان مصنوعاً من نوع غير معهود في بلده فلا يسمى خبزاً في عرفه لظهور المعنى اللغوي في الخبز، نعم إذا أكله على ظن أن اسم الخبز لا يتناوله فإن بعضهم يقول بعدم حنثه، وإنما لم يعمل بالعرف في هذه المسألة مع أنه قد تقدم أن اليمين باللّه مبني على العرف، لأن العرف الذي ينظر إليه هو العرف المطرد كمسألة الرؤوس والبيض. أما العرف غير المطرد كمسألة الخبز فإنه مختلف في عرف البلاد، فيأكل هذه ذره والأخرى قمحاً والأخرى بطاطس وهكذا، فتحكم فيه اللغة ولم ينظر للعرف. وإذا فت الخبز في مرق وأذابه فيه ثم شربه فإنه لا يحنث. وكذا إذا طبخ واختلطت أجزاؤه ببعضها فصار كالعصيدة وأكل منه فإنه لا يحنث، أما إذا بقيت “اللقم” متميزة بعضها عن بعض فإنه يحنث بالأكل منها.
ويتناول الخبز كل ما يخبز أولاً ولو قلي بعد ذلك بالسمن والزيت كالكنافة والبقلاوة والقطايف والسنبوسك. أما إذا قليت أولاً وهي نيئة قبل أن تشوى قبل القلي فإنها لا تسمى خبزاً كالزلابية والقطايف ولقمة القاضي فلا يحنث بأكلها: ويشمل الخبز أيضاً البقسماط والرقاق دون البسيس ونحوه.
وإذا حلف لا يأكل طبيخاً فإنه لا يحنث إلا إذا أكل ما فيه سمن أو زيت أو دهن.
وإذا حلف لا يأكل هذا الشيء فبلعه من غير مضغ فإنه يحنث نظراً للعرف، لأن البلع أكل عرفاً، أما إذا حلف بالطلاق أنه لا يأكله فبلعه من غير مضغ فإنه لا يحنث، لأن الطلاق مبني على اللغة، ولا يسمى البلع بدون مضغ أكلاً في اللغة كما تقدم.
وإذا حلف لا يأكل طعاماً فإنه يحنث إذا أكل قوتاً أو فاكهة لأن اسم الطعام يتناولها، وأما إذا أكل دواء فإنه لا يحنث. لأن اسم الطعام لا يتناوله في باب الأيمان لبنائها على العرف، أما في البيوع فإن الطعام يتناول الدواء لأنها مبنية على اللغة كما سيأتي.
وإذا حلف لا يأكل فاكهة فإنه يحنث إذا أكل الفاكهة الرطبة واليابسة، فيحنث بأكل الرطب والعنب والرمان والزبيب والتمر والليمون والنبق والبطيخ والفستق والبندق، وتتناول الفاكهة أيضاً الحلوى وهي كل ما اتخذ من عسل وسكر من كل حلو ليس فيه حامض. أما العسل وحده أو السكر وحده فإنه لا يسمى حلوى، بل الحلوى هي المأخوذة من مجموعها. فمن حلف لا يأكل حلوى فإنه لا يحنث بأكل العسل المطبوخ وحده على النار، ولا بأكل النشا المطبوخ بالعسل، وإنما يحنث إذا أكل ما تركب من جنسين فأكثر.
وإذا حلف لا يأكل تمراً فإنه لا يحنث إذا أكل اليابس. وإذا حلف لا يأكل رطباً فإنه لا يحنث إذا أكل تمراً وبالعكس. وإذا حلف لا يأكل عنباً فإنه لا يحنث إذا أكل زبيباً وبالعكس. وإذا حلف لا يأكل العنب أو الرمان لم يحنث بشرب عصيره ولا بامتصاصه ورمي ثفله لأنه لا يسمى أكلاً.