پایگاه تخصصی فقه هنر

الفقه علی المذاهب الاربعة-ج2-ص660

ومثال المطلق كقوله: واللّه لا أكلم رجلاً ونوى رجلاً جاهلاً أو في المسجد أو في الليل، فإنه لا يحنث إذا كلم رجلاً عالماً أو في غير المسجد أو في النهار. وكذا من حلف ليكر من رجلاً ونرى به زيداً لا يبر بإكرام غيره، لأن رجلاً مطلق وقيده بخصوص زيد فصار معنى اليمين لأكر من زيداً، ومثال المجمل أن يقول، زينب طالق وله زوجتان اسم كل منهما زينب، فلفظه مجمل فإذا قال: أردت زينب بنت فلان فإنها هي التي تطلق، ثم إن كان الحلف بطلاق ونحوه يشترط أن يكون لفظ العام أو المطلق محتملاً لما نواه بالتساوي في العرف، كما إذا حلف بالطلاق لامرأته أنه لا يتزوج عليها مدة حياتها ونوى ما دامت في عصمته، فإذا طلقها بائناً وتزوج عليها وادعى أنه نوى بيمينه ما دامت في عصمته، فإنه يقبل قوله قضاء، لأن لفظ حياتها مفرد مضاف يعم كل وقت من أوقات حياتها، وهو يشمل الوقت الذي تكون معه في عصمته وغيره فإذا نوى وقت كونها في عصمته بخصوصه فإنه يكون قد قصر العام على بعض أفراده وهو تخصيص له، واللفظ محتمل لذلك الوقت الذي نواه وغير بالسواء، أما إذا لم يكن اللفظ محتملاً لهما بالسواء فلا يخلو: إما أن يكون ما نواه قريباً من ظاهر اللفظ أو مخالفاً له جد المخالفة. فإن كان قريباً فإن قوله يقبل عند المفتي مطلقاً، سواء كان الحلف باللّه أو بالطلاق والعتاق. ويقبل عند القاضي إن كان الحلف باللّه، أما في الطلاق والعتاق فإنه لا يقبل، وإن كانت المخالفة بعيدة فلا يصدق في شيء من دعواه لا في القضاء ولا في الفتوى.

فمثال المخالفة القريبة من المساواة المثال المتقدم وهو: واللّه لا آكل سمنا ناوياً به سمن الضأن فلفظ السمن عام يتناول سمن الضأن الذي نواه وغيره، ولكن ظاهر اللفظ يغلب في غير الضأن وهو سمن الجاموس مثلاً، وسمن الضأن ليس بعيداً منه، فاستعمال اللفظ فيه بخصوصه بنية يصح سواء نوى إخراج غيره أو لم ينو على المعتمد كما تقدم، هذا إذا كان لفظ السمن غالب الاستعمال في سمن الجاموس أو البقر، أما إذا كان غالباً في سمن الضأن كان ما نواه مساوياً لظاهر اللفظ.

ومثال المخالفة البعيدة من اللفظ أن يقول: زوجي طالق أو حرام وينوي طلاق زوجته التي ماتت أو ينوي أكلها مال اليتيم حراماً فإن إرادة هذا بعيدة من اللفظ، فلا يصدق لا في القضاء ولا في الفتوى إلا إذا قامت قرينة على صدق ما يريد.

الثاني: بساط اليمين وهو السبب الحامل على اليمين. فإذا عدمت النية الصريحة أو لم تنضبط يعتبر سبب اليمين، لأنه في حكم النية فيخصص العام ويقيد المطلق كالنية مثاله: من وجد الزحام على الجزار فحلف أن لا يشتري لحماً في ليلته ثم اشترى بعد أن انقض الزحام أو من جزار آخر لا زحام عنده فإنه لا يحنث، لأن سبب اليمين يخصصه بالزحام. وكذا إذا سمع طبيباً يقول: أكل لحم الحيوان المريض ضار فحلف أن لا يأكل اللحم فلا يحنث بأكل لحم السليم، لأن سبب اليمين خاص بالمريض وكذا إذا حلف ليشترين دار فلان ولكن صاحبها أبى بيعها بثمن مثلها فإنه لا يحنث على الصحيح لأن يمينه مقيد بما إذا رضي صاحبها، وكذا إذا حلف ليبيعن فأعطي أقل من الثمن. وكذا إذا كان شخص يأخذ من الناس زكاة مالهم لينفقها على الفقراء فقيل له: أنت تفعل ذلك لتأخذ منه لنفسك، فحلف أنه لا يزكي ولم ينو شيئاً فإنه لا يحنث إذا أخرج زكاة ماله، وإنما يحنث بتزكيته للناس. وكذا إذا ضاع من شخص عقد من العقود ثم حلف للشهود بالطلاق أنه قد ضاع وأنه غير موجود في الدار ليكتبوا له غيره ثم وجده في الدار فإنه لا يحنث.