الفقه علی المذاهب الاربعة-ج2-ص636
ومنها أنه إذا حلف لا يعطي فلاناً شيئاً إلا بإذن من زيد فمات زيد فإنه لا يحنث إذا أعطاه، وإذا حلف ليقضين دينه غداً فقضاه اليوم فإنه لا يحنث. وكذا إذا حلف ليأكلن هذا الرغيف غداً فأكله اليوم فإنه لا يحنث، أو حلف ليقتلنه غداً فمات اليوم فإنه لا يحنث؛ ولوجن الحالف في يومه فإنه يحنث.
المالكية – قالوا: إذا منع مانع من فعل المحلوف عليه فلا يخلو: إما أن يكون عقلياً، كما إذا حلف ليقتلن فلاناً فإذا هوميت. أوليذبحن حمامه فوجده مسروقاً. وإما أن يكون المانع شرعياً كما إذا حلف ليطأن امرأته الليلة فوجدها حائضاً، فالمانع ثلاثة أقسام: عقلي، وعادي، وشرعي فإن كان عقلياً فإن الحالف لا يحنث إلا إذا حصل بعد اليمين ولم يوقت بوقت ولم يفرط في الفعل فإذا قال: واللّه لأذبحن الحمام فمات الحمام بعد الحلف وفرط في ذبحه فإنه يحنث. أما إذا قال: واللّه لأذبحنه غداً وجاء فبادر إلى ذبحه فوجده ميتاً فإنه لا يحنث. أما إذا حصل الموت قبل اليمين كأن قال: واللّه لأذبحنه وكان ميتاً قبل ذلك فإنه لا يحنث مطلقاً، سواء وقت أولم يوقت، فرط أولم يفرط.
وإن كان المانع عادياً كما إذا وجد الحمام مسروقاً. فإن كانت السرقة حصلت قبل اليمين فإنه لا يحنث، سواء فرط في الذبح أولم يفرط، وسواء وقت بوقت أولم يوقت، أما إن كانت السرقة حصلت بعد اليمين فإنه يحنث مطلقاً، سواء وقت أولم يوقت، فرط أولم يفرط وإن كان المانع شرعياً كما إذا حلف وهي طاهرة ثم طرأ عليها الحيض بعد اليمين واستمر الليلة كلها؛ أو حلف اليمين وهي حائض قبل حلفه. فالمانع الشرعي يوجب الحنث، سواء تقدم على اليمين أو تأخر، أما إذا حلف ليطأنها ولم يقيد بالليلة ثم وجدها حائضاً فإنه ينتظر رفع الحيض ويفعل المحلوف عليه فلا يحنث. فإذا وطئها وهي حائض ففي بره خلاف: فبعضهم يقول: إنه لا يحنث لأنه فعل المحلوف عليه وهو المدلول اللغوي، وبعضهم يقول: يحنث لمخالفته للمدلول الشرعي. ومحل هذا الخلاف إذا كانت اليمين بعد الحيض، أما إذا كانت قبله وفرط حتى حاضت، فإن القياس الاتفاق على حنثه.