الفقه علی المذاهب الاربعة-ج2-ص616
وذلك لأن أغراض الشريعة السمحة ومقاصدها في تشريعها تنحصر في تهذيب الأخلاق وتطهير النفوس من أدران الشهوات الفاسدة وأوزارها، فأي عمل من الأعمال يترتب عليه اقتراف منكر فهو حرام مهما كان في ذاته حسناً، فالتغني من حيث كونه ترديد الصوت بالألحان مباح لا شيء فيه، ولكن قد يعرض له ما يجعله حراماً أو مكروهاً ومثله اللعب، فيمتنع الغناء إذا ترتب عليه فتنة بامرأة لا تحل أو بغلام أمرد، كما يمتنع إذا ترتب عليه تهيج لشرب الخمر أو تضييع للوقت وانصراف عن أداء الواجبات، أما إذا لم يترتب عليه شيء من ذلك فإنه يكون مباحاً.
فلا يحل التغني بالألفاظ التي تشتمل على وصف امرأة معينة باقية على قيد الحياة، لأن ذلك يهيج الشهوة إليها ويبعث على الافتنان بها، فإن كانت قد ماتت فإن وصفها لا يضر لليأس من لقائها ومثلها في ذلك الغلام الأمرد. ولا يحل التغني بالألفاظ الدالة على وصف الخمرة المرغبة فيها لأن ذلك يهيج إلى شرابها وحضور مجالسها، وذلك جريمة في نظر الشريعة. ولا يحل التغني بالألفاظ الدالة على هجاء الناس مسلمين كانوا أو ذميين، لأن ذلك محرم في نظر الدين فلا يحل التغني به ولا سماعه.
أما التغني بالألفاظ المشتملة على الحكم والمواعظ، والمشتملة على وصف الأزهار والرياحين والخضر والألوان والماء ونحو ذلك، أو المشتملة على وصف جمال إنسان غير معين إذا لم يترتب عليه فتنة محرمة فإنه مباح لا ضرر فيه.