پایگاه تخصصی فقه هنر

الفقه علی المذاهب الاربعة-ج2-ص587

وجميع هذه الأنواع محرمة كثيرها وقليلها، ولوقطرة واحدة منها. وكذلك نقيع الزبيب إذا غلا واشتد وصار مسكراً، وكذلك الخليطان من الزبيب والتمر “الخشاف” إذا اشتد وصار مسكراً، ونبيذ العسل والتين والشعير فكلها حرام إذا وصلت إلى حد الإسكار، وقليلها (الحنفية – يظن بعض شاربي البيرة ونحوها أن قليلها في مذهب الحنفية، والواقع أن قليلها وكثرها حرام في مذهب الحنفية كسائر المذاهب على الصحيح المفتى به، بل هي حرام عند الحنفية بإجماع آرائهم، وذلك لأن الخلاف وقع في ثلاثة أمور، أولاً: المثلث، وهوما يطبخ من العنب حتى يذهب ثلثاه ويبقى ثلثه، ويسكر كثيره لا قليله ويسمى “طلاً”. ثانياً: نبيذ التمر، وهوما يطبخ طبخاً يسيراً ويسكر كثيره لا قليله. ثالثاً: ما يؤخذ من الشعير والحنطة ونحوهما مما ذكر إذا أسكر كثيره لا قليله. فأبوحنيفة وأبويوسف يقولون: إن الذي يحرم هوكثير هذا لا قليله. ومحمد يقول: إن كثير هذا وقليله حرام كغيره، وهوقول الأئمة الثلاثة، وقول محمد هو الصحيح المفتى به في المذهب، فمذهب الحنفية هومذهب محمد حينئذ، على أنهم أجمعوا على أن القليل الذي لا يسكر إذا كان يؤخذ للهو والتسلية، كما يفعل هؤلاء الشاربون، لا لتقوية البدن الضعيف فهو حرام كالكثير تماماً ولوقطرة واحدة.

فالبيرة وجميع أنواع الخمور محرمة، قليلها وكثيرها، على الوجه المشروع عند جميع أئمة الدين وجميع المسلمين) مثل كثيرها، وإنما تحرم على المكلف العاقل غير المكره والمضطر.

وكما يحرم شرب الخمر يحرم بيعها لقول النبي صلى اللّه عليه وسلم: “إن الذي حرم شربها حرم بيعها”، وفي حديث آخر عن أنس بن مالك رضي اللّه عنه قال: “لعن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في الخمر عشرة: عاصرها ومعتصرها وشاربها وحاملها والمحمولة إليه وساقيها وبائعها وآكل ثمنها والمشتري لها والمشترى له” رواه ابن ماجة والترمذي.

وكذلك يحرم التداوي بها على المعتمد لقول النبي صلى اللّه عليه وسلم لمن قال له: إن الخمر دواء “ليست بدواء، إنما هي داء” رواه مسلم. وقال صلى اللّه عليه وسلم: “إن اللّه عز وجل أنزل الداء والدواء، وجعل لكل داء دواء، ولا تتداووا بحرام (الشافعية – قالوا: يحرم التداوي بالخمر إذا كانت صرفاً غير ممزوجة بشيء آخر تستهلك فيه كالترياق الكبير ونحوه، وكذا إذا كانت صرفاً قليلة غير مسكرة، فيجوز بمرجوحية التداوي بها بشرط أن تتعين للدواء ولا يوجد ما يقوم مقامها من الطاهرات بشرط أن يكون ذلك بوصف الطبيب المسلم العدل، وكذا يجوز في مواضع أخرى كإساغة اللقمة، وقد تجب في هذه الحالة، وكذا التداوي بغير الخمر من الأشياء النجسة، فإنه يجوز إذا خلط بشيء غيره يستهلك فيه، ولم يوجد شيء طاهر يقوم مقامه، وإلا حرم التداوي به).

أما ما يحل شرابه ففيه تفصيل المذاهب

(المالكية – قالوا: يباح شرب ماء العنب المعصور أول عصرة دون أن يشتد أو يسكر وكذا شرب الفقاع – بضم الفاء وتشديد القاف – وهوشراب يتخذ من قمح وتمر، وقيل: ماء جعل فيه زبيب ونحوه حتى انحل فيه.

كما يباح شراب السوبيا، وهي ما يتخذ من الأرز بطبخه شديداً حتى يذوب في الماء، ويصفى ويوضع في السكر ليحلوبه، وعقيده وهوماء العنب المغلي حتى يعقد ويهذب إسكاره الذي حصل في ابتداء غليانه، ويسمى الرب الصامت “المربة” ولا يحد غليانه بذهاب ثلثيه مثلاً وإنما المعتبر زوال إسكاره.

ولا تباح هذه الأشياء إلا إذا أمن سكرها، فإذا لم يأمن حرم الأخذ منها.