الفقه علی المذاهب الاربعة-ج1-ص577
ويشترط، أولاً: أن يكون الذابح مسلماً؛ أو كتابياً: يهودياً أو نصرانياً، إفرنجياً أو غيره ويدخل في النصراني الصابيء، لأنه يقر بعيسى عليه السلام، ويدخل في اليهودي السامرة، لأنهم يدينون بشريعة موسى عليه السلام، فكل هؤلاء تحل ذبيحتهم، ولا تحل ذبيحة غيرهم من: وثني، ومجوسي، ومرتد عن الإسلام، وكذا لا تحل ذبيحة الدروز الذين لا يدينون بكتاب، وإذا ذكر الكتابي أسم المسيح لا تحل وليمته، ثانياً: أن لا يذبح صيد الحرم، فإن الصيد في الحرم لا تحله الذكاة؛ ولو كان الذابح غير محرم، ثالثاً: أن يترك التسمية عمداً، أما إن تركها سهواً فإن الذبيحة تكون حلالاً، ويشترط في التسمية: 1 – أن تكون ذكراً خالصاً، بأن يذكر اسم اللّه تعالى بأي اسم من أسمائه، سواء كان مقروناً بصفة، نحو: اللّه أعظم، أو غير مقرون بصفة، نحو اللّه، الرحمن، أو يذكره بالتسبيح والتهليل، أما ذكر اسم اللّه مقروناً بدعاء، كقول: اللّهم اغفر لي، فإن الذبيحة لا تحل به، ويستحب أن يقول: بسم اللّه، اللّه أكبر. 2 – وأن تكون التسمية من نفس الذابح حال الذبح، والرامي لصيد حال الرمي، ومرسل كلب الصيد حال الإرسال، فلو سمى غير الفاعل لا يحل الأكل: وأن يكون الذبح عقب التسمية قبل تبدل المجلس، فلو سمي واشتغل بأكل أو شرب، فإن طال لم يحل الذبح، وغلا حل، وحد الطول ما يستكثره الناظر، ويشترط أن لا يقصد بالتسمية شيئاً آخر كالتبرك في ابتداء الفعل. فإن فعل ذلك أو نوى امراً آخر غير الذبح، فإنها لا تحل؛ أما إذا لم تحضره النية أصلاً فإنها تحل ذبيحة الصبي الذييعرف التسمية، وإن لم يعلم أن التسمية شرط لحل الذبيحة على التحقيق؛ ومثله السكران إذا كان يعقل لفظ التسمية، وإن لم يعلم أن التسمية شرط لحل الذبيحة على التحقيق؛ ومثله السكران إذا كان يعقل لفظ التسمية وكذلك المجنون؛ فكل هؤلاء إذا كانوا يضبطون عمل الذبح، ويذكرون اسم اللّه تحل ذبيحتهم، كما تحل ذبيحة الأخرس، وذبيحة الأقلف. وهو الذي لم يختن بدون كراهة؛ ويصح الذبح بكل ما يقطع من العروق المشروط قطعها ويسيل الدم، فيجوز الذبح بالسكين، وقشر القصب الأزرق – الغاب – والمروة، وهي حجر أبيض كالسكين، وغير ذلك، ماعدا السن والظفر، فإنه لا يحل الذبح بهما إذا كانا متصلين، فإن انفصلا حل الذبح بهما مع الكراهة، لما فيه من تعذيب الحيوان، كالذبح بالسكين الكالة التي لا تقطع؛ وإذا ذبح لعظيم بقصد التقرب إليه وتعظيمه بالنحر فإن ذبيحته لا تؤكل، لأنه أهل بها لغير اللّه، بخلاف ما يذبح للضيف بقصد إكرامه، فإنه جائز، وإن قدم له غير المذبوح عند الأكل.
المالكية قالوا: الذكاة الشرعية هي السبب الموصل لحل أكل الحيوان البري اختياراً، وأنواها أربعة: ذبح، ونحر، وعقر. وفعل يزيل الحياة بأي وسيلة؛ النوع الأول: الذبح. ويكون في البقر والجاموس والضأن والمعز والطير والوحش والمقدور عليه. ما عدا الزرافة. فإنها تنحر. ويعرف الذبح بأنه قطع الحلقوم والودجين من المقدم بمحدد بنية. ولا يشترط قطع المريء ويشترط أن يكون الذابح مميزاً مسلماً. أو كتابياً. وأن لا يرفع يده رفعاً طويلاً باختياره قبل تمام الذبح: ويشترط لحل ذبيحة الكتابي شروط: أن يذبح ما يحل له بشريعتنا، وأن لا يهل به لغير اللّه وقد تقدم بيان ذلك في الأضحية في “مبحث إذا ذبحها كتابي”، وأن يذبح بحضرة مسلم مميز عارف بأحكام الذكاة إن كان الكتابي ممن يستحل الميتة، فلا يحل أكل ذي ظفر ذبحه يهودي، كإبل وبط وأوز وزرافة من كل ما ليس بمنفرج الأصابع، لأن اليهود يحرمون أكل ذي الظفر، وثبت في شريعتنا أنه محرم عليهم، فإذا ذبحه فلا يحل، أما ما يحل لهم في شريعتهم: كالحمام، والدجاج، ونحوهما فإنها حلال إذا ذبحها؛ النوع الثاني: النحر، ويكون في الإبل والزرافة والفيلة، ويكره في البقر والجاموس، وكذا الخيل والبغال والحمر الوحشية، ويعرف النحر بأنه طعن مميز مسلم، أو كتابي بلبه، بلا رفع طويل قبل التمام بنية، النوع الثالث: العقر، ويكون في وحشي غير مقدور عليه إلا بعسر، سواء كان طيراً أو غيره، ويعرف بأنه جرح مسلم مميز حيواناً وحشياً بمحدد، أو حيوان صيد معلم بنية؛ وتسمية، ولا يصح العقر من كافر، وقيل: يصح من الكتابي كالذبح، ولا يصح العقر من صبي أو مجنون أو سكران، ولا يصح عقر حيوان مستأنس إذا شرد، فلو نفرت بقرة أو غنم أو جمل، فإنه لا يصح العقر بعصا أو حجر لا حد له، ويصح برصاصة، لأنها أقوى من المحدد، وأما الفعل المميت فهو ذكاة من لا دم له: كالجراد، والدود، فإن ذكاته إماتته بأي سبب، كالنار، أو قطع الأسنان، أو ضرب العصا، أو نحو ذلك، ويشترط نية ذكاته، ويشترط في الأنواع الأربعة ذكر اسم اللّه تعالى لمسلم ذاكر قادر؛ فإن نسي أو عجز، كأخرس أكلت ذبيحته.