پایگاه تخصصی فقه هنر

الفقه علی المذاهب الاربعة-ج1-ص561

تنقسم العبادات إلى ثلاثة أقسام: بدنية محضة: كالصلاة، والصوم، فإن القصد من كل منهما التذلل والخضوع للّه سبحانه وتعالى بالنفس، ولا دخل للمال فيهما، ومالية محضة: كالزكاة، والصدقة؛ فإن القصد منهما نفع المتصدق عليهم بالمال، ومركبة منهما: كالحج؛ فإن فيه الخضوع للّه تعالى بالطواف والسعي وغيرهما من الأعمال، وفيه أيضاً إنفاق المال في هذا السبيل، أما القسم الأول فلا يقبل النيابة مطلقاً، فلا يجوز للمرء أن يستنيب من يصلي عنه أو يصوم، ولو فعل ذلك فلا ينفعه، وأما القسم الثاني فيقبل النيابة، فيجوز لمالك المال أن يوكل من يخرج عنه زكاة ماله، أو يدفع صدقة للغير، وأما القسم الثالث – وهو الحج – ففي كونه يقبل النيابة أو لا يقبلها تفصيل المذاهب، فانظر مذاهبهم تحت الخط (المالكية قالوا: الحج وإن كان عبادة مركبة من بدنية ومالية؛ لكنه غلب فيه جانب البدنية، فلا يقبل النيابة، فمن كان عليه حجة الإسلام، وهي حجة الفريضة، فلا يجوز له أن ينيب من يحج عنه، سواء كان صحيحاً أو مريضاً ترجى صحته، ولو استأجر من يحج عنه حجة الفريضة كانت الإجارة فاسدة، وإذا حج الأجير وأتم عمله كان له أجرة المثل؛ أما إذا لم يتم عمله بأن فسخ الحاكم الإجارة حين الاطلاع عليها فلا شيء له من الأجرة أصلاً، ومن استأجر غيره للحج عنه تطوعاً، كالمريض الذي لا يرجى برؤه وكمن حج حجة الإسلام فإن الإجارة مكروهة لكنها تصح، ومثل ذلك الاستئجار على العمرة فتكون الإجاربة مكروهة وتصح لأن العمرة سنة لا فرض، ومن ع جز عن الحج بنفسه، ولم يقدر عليه في أي عام من حياته، فقد سقط عنه الحج بتاتاً، ولا يلزمه استئجار من يحج عنه إذا كان قادراً على دفع الأجرة، وإذا استأجر الشخص من يحج عنه، سواء كان صحيحاً أو مريضاً. وسواء كان الحج الذي استأجر عليه فرضاً أو نفلاً؛ فلا يكتب له أصلاً، بل يقع الحج نفلاً للأجير وإنما يكون للمستأجر ثواب مساعدة الأجير على الحج، وبركة الدعاء الذي يدعو به، كما أنه إذا أوصى الشخص قبل موته بالحج عنه، وحج عنه بعد الموت، أو فعلت ذلك ورثته بدون إيصاء منه؛ بأن استأجروا له بعد موته من يحج عنه؛ فإنه لا يكتب للميت أصلاً؛ لا فرضاً، ولا نفلاً. ولا يسقط به عنه حجة الإسلام إذا كان لم يؤدها حال حياته، وهو مستطيع قادر عليها، وإنما يكون للميت ثواب مساعدة الأجير على الحج، كما تقدم، وتكره الوصية بالحج، ولكن يجب على الورثة بعد موت الموصي أن ينفذوها من ثلث التركة إذا لم يعارضها وصية أخرى غير مكروهة، بحيث لا يسع ثلث التركة إلا إحدى الوصيتين فتقدم الوصية الأخرى في التنفيذ؛ وتلغى الوصية بالحج، مثال ذلك: أو يوصي بالحج عنه، ويوصي بخمسين جنيهاً للفقراء، وكانت أجرة الحج عنه خمسين جنيهاً، وثلث التركة خمسين جنيهاً ففي هذه الحالة لا يسع الثلث إلا إحدة الوصيتين – الحج عنه، والصرف على الفقراء – فيصرف ثلث التركة للفقراء، وتلغى الوصية بالحج، سواء كان الموصى عليه حجة الإسلام أو لا، على الراجح، ومتى لم يعارض الوصية بالحج وصية أخرى، فإن الوصية بالحج تنفذ، كما تقدم ويستأجر للميت من يحج عنه من بلده الذي مات فيه إذا لم يعين الميت مكاناً غيره، فإن عين مكاناً غيره، كأن قال: حجوا عني من مكة، تعين اتباع شرطه، فيستأجر له من مكة من يحج عنه، ولا يستأجر له من بلده الذي مات فيه، فإن كان ثلث التركة لا يسع الحج مما عينه، أو من بلده عند عدم التعيين وكان يحتمل الحج به من مكان آخر حج عنه من الممكن تنفيذاً للوصية بقدر الإمكان، ومثل ذلك ما إذا عين مقداراً من المال للحج عنه كثلاثين جنيهاً، وكان الحج بها غير ممكن من بلده الذي مات فيه، أو من المكان الذي عينه، فإنه يحج به من أي بلد يمكن الاستئجار منها بقدر الإمكان، وإذا كان ثلث التركة أو المال الذي عينه المتوفى للحج عنه يسع أكثر من حجة واحدة، فإنه يحج عنه مرة واحدة والباقي من الثلث أو المال المعين يكون ميراثاً، إلا إذا قال: حجوا عني بالثلث أو بهذا المبلغ، كمائة جنيه، فإنه يلزم الورثة أو يستأجروا أشخاصاً يحجون عنه كر واحد حجة بقدر ما يسع الثلث أو المال المخصص للحج، فإذا وسع ما ذكر حجتين استأجر الورثة شخصين يحج كل منهما عن الميت. ويكون ذلك كله في عام واحد على الراجح، فإن بقي بعد الحجتين مقدار لا يسع حجة صار ميراثاً، وهكذا الحكم لو وسع الثلث أو المال المعين للحج ثلاث حجج أو أكثر.