الفقه علی المذاهب الاربعة-ج1-ص547
وقد وردت السنة بما يفيد وجوب الهدي على القارن. ويشترط لوجوب الهدي على كل من القارن والمتمتع أمران: الأول: أن لا يكون متوطناً مكة، أو ما في حكمها وقت القران والتمتع، أي وقت الإحرام بالحج والعمرة معاً في إحدى صورتي القران، ووقت الإحرام، بالعمرة في الصورة الأخرى. وفي التمتع، وما في حكم مكة هو ما لا يقصر المسافر منها حتى يجاوزه، فإن كان متوطناً بمكة أو ما في حكمها وقت فعلهما، فلا هدي عليه، لأنه لم يتمتع بإسقاط أحد السفرين عنه، ودم القران والتمتع إنما وجب لذلك، قال تعالى: ذلك لمن لم يكن أهل حاضري المسجد الحرام
، فسر المالكية حاضري المسجد الحرام بأهل مكة، وما في حكمها، الثاني: أن يحج من عامه، فلو منعه من الحج في هذا العام كأن صد عنه بعدو أو غيره بعد أن قرن أو تمتع، ثم تحلل من إحرامه لأجل المانع، فلا دم عليه، ويشترط لوجوب الهدي على المتمتع شرط ثالث؛ وهو أن لا يرجع لبلده أو مثله في البعد بعد الفراغ من أعمال العمرة، وقبل الإحرام بالحج، ثم إن هدي التمتع إنما يجب بإحرام الحج، لأن التمتع لا يتحقق إلا به، وهذا الوجوب موسع، ويتضيق برمي جمرة العقبة يوم النحر، فلو مات المتمتع بعد رمي الجمرة المذكورة تعين على ورثته أن يهدوا عنه من رأس ماله، أما إذا مات قبل ذلك، فلا يلزم الورثة الإهداء عنه، لا من رأس ماله. ولا من ثلثه؛ وأجزأ نحر هدي التمتع بعد الإحرام بالعمرة، وقبل الإحرام بالحج؛ ومن عجز عن الهدي وجب عليه أن يوم بدله عشرة أيام. ثلاثة في الحج وسبعة إذا رجع منه، قال تعالى: فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج؛ وسبعة إذا رجعتم
والعجز عن الهدي إما لعدم وجوده، أو لعدم وجود ثمنه، وعدم وجود من يقرضه إياه، أو لاحتياجه لثمنه في نفقاته الخصوصية، أما صوم الأيام الثلاثة فيبتدئ وقته من حين الإحرام بالحج، ويمتد إلى يوم النحر، فإن لم يصمها قبل يوم النحر صام وجوباً الأيام الثلاثة التالية له – ليوم النحر – وهي أيام التشريق، ويكره تأخير صومها إلى أيام التشري من غير عذر، فإن أخر صومها عن أيام التشريق، صامها في أي وقت شاء، سواء وصلها بالسبعة الباقية، أو لا. وأما السبعة الباقية فيصومها إذا فرغ من أعمال الحج، بأن ينتهي من رمي الجمار سواء رجع إلى أهله أو لا، فالمراد بالرجوع في الآية الكريمة المتقدمة وسبعة إذا رجعتم