الفقه علی المذاهب الاربعة-ج1-ص544
أما ميقاتها المكاني فهو كميقات الحج على ما سبق بيانه، إلا بالنسبة لمن كان بمكة، سواء كان من أهلها أو غريباً، فإن ميقاته في العمرة الحل وهو ما عدا الحرم الذي يحرم التعرض فيه للصيد وأفضل الحل الجعرانة، عند المالكية؛ والشافعية، وقال الحنفية؛ والحنابلة. أفضل الحل التنعيم، ثم الجعرانة، والجعرانة؛ مكان بين مكة والطائف. ثم التنعيم يليه في الفضل، وهو مكان يسمى الآن بمساجد عائشة، فيلزمه أن يخرج إلى طرف الحل، ثم يحرم بخلاف الحج، فإن ميقاته للمكي الحرم: على التفصيل السابق؛ فإذا أحرم المكي بالعمرة في الحرم، فإن لم يخرج إلى الحل صح إحرامه، وعليه دم لتركه الإحرام من الميقات، وخالف في ذلك المالكية فانظر مذهبهم تحت الخط (المالكية قالوا: إذا أحرم بالعمرة من الحرم فلا دم عليه. ولكن يجب عليه أن يخرج إلى الحل قبل طوافها وسعيها. لأن كل إحرام لا بد أن يجمع فيه بين الحل والحرم، فإن طاف للعمرة وسعى، ثم خرج للحل، فلا يعتد بذلك، وعليه إعادة الطواف والسعي حتماً بعد خروجه للحل)؛ وإن خرج قبل أن يطوف ويسعى: وأحرم من الميقات فلا شيء عليه، ويندب الإكثار من العمرة، وتتأكد في شهر رمضان، باتفاق ثلاثة؛ وخالف المالكية، فانظر مذهبهم تحت الخط (المالكية قالوا: يكره تكرار العمرة في السنة مرتين إلا لمن كان داخلاً مكة قبل أشهر الحج، وكان ممن يحرم عليه مجاوزة الميقات حلالاً كما تقدم، فإنه لا يكره له تكرارها، بل يحرم بعمرة حين دخوله ولو كان قد تقدمت له عمرة في هذا العام. فإذا أراد دخول مكة في أشهر الحج دخل بحج لا بعمرة. لأنه لا يكره الإحرام بالحج في هذه الحالة، بخلاف الإحرام به قبل زمانه، فإنه مكروه. وأما فعل العمرة مرة ثانية في عام آخر فهو مندوب: وينبغي أن يقصد بها إقامة الموسم لتقع سنة كفاية عن عموم الناس، لأنها سنة كفاية كل عام بالنسبة لعموم الناس: وابتداء للسنة بالنسبة لعمرة المحرم، ولا فرق عندهم بين رمضان وغيره، فلا تتأكد فيه)، لما روي عن ابن عباس “عمرة في رمضان تعدل حجة”.
4 واجباتها، وسننها، ومفسداتها
يجب للعمرة ما يجب للحج، وكذلك يسن لها ما يسن له؛ وبالجملة فهي كالحج في الإحرام، والفرائض والواجبات، والسنن، والمحرمات، والمكروهات، والمفسدات، إلا عند المالكية، فانظر مذهبهم تحت الخط (المالكية قالوا: يفسد العمرة ما يفسد الحج من الجماع ونحوه، إلا أن ذلك لا يفسدها إلا إذا وقع قبل تمامها بالسعي بين الصفا والمروة، ومتى فسدت وجب عليه إتمامها وقضاؤها فوراً، ونحر هدي للفساد، وتأخير نحره إلى زمن القضاء. كما تقدم في “الحج”. أما إذا وقع الجماع ونحوه بعد السعي وقبل الحلق. فلا تفسد العمرة. ويجب عليه دم كما يجب عليه دم – هدي – بإخراج المذي ونحوه. مما تقدم في “الحج”)، والإحصار، وغير ذلك، ولكنها تخالفه في أمور: منها أنها ليس لها وقت معين، ولا تفوت، وليس فيها وقوف بعرفة، ولا نزول بمزدلفة، وليس فيها رمي جمار، ولا جمع بين صلاتين بسبب الحج، عند ثلاثة من الأئمة القائلين بأنه يجمع بين الصلاتين بسبب الحج فقط: وقال الشافعية: إن الحج والعمرة ليسا بسببين للجمع بين الصلاتين، وإنما سببه السفر فقط. كما تقدم في مبحثه وليس فيها طواف قدوم، ولا خطبة، وميقاتها الحل لجميع الناس، بخلاف الحج. فإن ميقاته للمكي الحرم، كما تقدم في “مباحث الإحرام” وتخالف العمرة الحج أيضاً في أنها سنة مؤكدة لا فرض، عند المالكية، والحنفية؛ فهذه هي الأمور التي تخالف فيها العمرة الحج، وزاد الحنفية أيضاً أمرين آخرين، فانظرهما تحت الخط (الحنفية قالوا: يزاد على ذلك أنه لا تجب بدنة بإفسادها، ولا بطوافها جنباً، بخلاف الحج، وإنما تجب بذلك شاة في العمرة، ويزاد أيضاً أنه ليس لها طواف وداع، كما في الحج).
3 مبحث القرآن، والتمتع، والإفراد، وما يتعلق بها