الفقه علی المذاهب الاربعة-ج1-ص530
الشافعية قالوا: سنن الحج كثيرة: منها المبيت بمنى ليلة عرفة، وإنما كان سنة لأن المقصود منه الاستراحة؛ بخلاف المبيت ليالي التشريق، فإنه واجب، كما تقدم ومنها سرعة السير في بطن وادي محسر، وهو مكان فاصل بين مزدلفة ومنى، سمي بذلك لأنه حسر، أي عجز فيه الفيل الذي أراد أبرهة هدم الكعبة به، وهو المذكور في الآية، ومنها الخطب المسنونة فيه، وهي أربع: إحداها: يوم السابع من ذي الحجة، وهي خطبة مفردة يخطبها الإمام أو نائبه: كأمير الحج بعد صلاة الظهر بالمسجد الحرام، يفتتحها بالتكبير إن كان غير محرم، وبالتلبية إن كان محرماً، والأفضل أن يكون الخطيب محرماً، ثانيها: يوم عرفة بنمرة قبل صلاة الظهر؛ وهما خطبتان، ثالثها: يوم النحر بمنى، وهي واحدة بعد صلاة الظهر، رابعها: يوم النفر الأول بمنى، وهي واحدة بعد الظهر، وينبغي للخطيب أن يعلم الناس في كل الخطب المذكورة ما يكون بعد كل خطبة من أعمال الحج؛ ومن السنن حلق الرجل، وتقصير الأنثى، ومنها الوقوف بالمشعر الحرام؛ وهو جبل قزح – بوزن عمر – يذكرون اللّه تعالى عنده، ويدعون ربهم إلى الإسفار مع استقبال القبلة، ومنها أن لا يتعجل من منى، بل يبقى بها جميع ليالي التشريق؛ ومنها الذكر المسنون؛ كأن يقول عند رؤية البيت الحرام ما سبق بيانه؛ ويقول في أول طوافه ما تقدم أيضاً، ويقول قبالة البيت: اللّهم إن البيت بيتك، والحرم حرمك. والأمن أمنك، وهذا مقام العائذ بك من النار، ويقول بين الركنين اليمانيين: ربنا آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار، ويقول في الرمي: اللّهم حجاً مبروراً، وذنباً مغفوراً، وسعياً مشكوراً، ويقول في السعي: رب اغفر وارحم وتجاوز عما تعلم، إنك أنت الأعز الأكرم، ومنها أن يقضي ديونه قبل حجه، ومنها إرضاء خصومه، وأن يتوب من جميع المعاصي، وأن يتعلم كيفية الحج. وأن يستسمح كل من كان بينه وبينه معاملة أو مصاحبة، ومنها أن يكتب قبل سفرة وصية، ويشهد عليها، وأن يطلب رفيقاً صالحاً موافقاً راغباً في الحج، وأن يكثر من الزاد والنفقة ليواسي من المحتاجين، ومن السنن الإكثار من الصلاة والطواف والاعتكاف في المسجد الحرام كلما دخله، ومنها دخول الكعبة والصلاة فيها ولو نفلاً، ومنها الإكثار من شرب ماء زمزم مع التضلع منه مستقبلاً القبلة عند شربه قائلاً: اللّهم إني بلغين عن نبيك محمد صلى اللّه عليه وسلم أنه قال: “ماء زمزم لم اشرب له” وأنا أشربه لسعادة الدنيا والآخرة، اللّهم فافعل، ثم يسمي اللّه تعالى. ويشرب، ويتنفس ثلاثاً، ويسن الدخول إلى البئر، والنظر فيها، والنزح منها بالدول، ونضح وجهه ورأسه وصدره بمائها، ويتزود منها عند سفره.