الفقه علی المذاهب الاربعة-ج1-ص526
وقد عرفت مما تقدم أن كل ركن من أركان الحج له شروط وواجبات، وسنن، وقد بينا كل ما يخص كل ركن منها قريباً، وبقيت واجبات عامة لا تخص ركناً دون ركن، وهي التي نريد بيانها ها هنا ذا، ومنها رمي الجمار، والمبيت بمنى، والوجود بالمزدلفة، والحلق، والتقصير، وغير ذلك مما هو مفصل في المذاهب، فانظره تحت الخط (الشافعية قالوا: واجبات الحج العامة خمسة؛ الأول: الإحرام من الميقات على التفصيل المتقدم، الثاني: الوجود بمزدلفة، ولو لحظة، بشرط أن يكون ذلك في النصف الثاني من الليل بعد الوقوف بعرفة، ولا يشترط المكث؛ بل يكفي مجرد المرور بها، سواء أعلم بأنها المزدلفة أم لا، الثالث: رمي الجمار؛ بأن يرمي جمرة العقبة وحدها يوم النحر. والجمرات الثلاث كل يوم من أيام التشريق الثلاثة التي هي عقب النحر؛ ويدخل وقت الرمي بانتصاف ليلة النحر، بشرط تقدم الوقوف، ويمتد وقته إلى آخر أيام التشريق؛ ولا بد من تحقق معنى الرمي، فلو وضع الحجر في المرمى لم يعتد به، وكذا لا بد من قصد مكان الرمي. فلا يجزئ الرمي في الهواء وإن وقع في المرمى، ولا يجزئ الرمي إلا إذا تحقق إصابة المرمى، والرمي المعتبر شرعاً هو ما كان باليد لا بقوس ونحوه، فإنه لا يجزئه إلا لعذر، ولا يجزئ في الرمي إلا الحجر، أما اللؤلؤ، والملح، والآجر ونحوه فلا يجزئ، ولا بد أن يجزم الرامي بأنه رمى سبع حصيات في كل جمرة من الجمرات الثلاث، وذلك في اليوم الثاني، والثالث، والرابع من أيام العيد، كما أنه لا بد أن يتحقق رمي سبع حصيات في جمرة العقة، وهي التي تتكون في يوم العيد، فإن شك كمل حتى يتحقق السبع ويشترط في السبع حصيات أن ترمى في سبع مرات، أما لو رماها على غير ذلك فلا تحسب إلا واحدة؛ ولا بد من الترتيب بين الجمرات الثلاث التي يرميها أيام التشريق، فيبدأ برمي الجمرة التي تلي مسجد الخيف، ثم الوسطى؛ ثم العقبة، فلا ينتقل إلى واحدة إلا بعد تمام ما قبلها. وسنن الرمي: منها الاغتسال له كل يوم ومنها تقديم الرمي أيام التشريق على صلاة الظهر. ومنها الموالاة بين الرميات وبين الجمرات. ومنها أن يكون الرمي باليد اليمنى إن سهل، ومنها غسل الحصى إن احتملت نجاسة. ومنها أن يكون الجمر صغيراً أقل من الأنملة. ومنها إبدال التلبية بالتكبير عند أول حصاة يرميها ومنها أن يرمي راكباً إذا أتى من منى راكباً. ومنها أن يرمي بحصيات جديدة لم يرم هو ولا غيره بها. وكره مخالفة شيء من تلك السنن. الرابع: من واجبات الحج: المبيت بمنى. ويشترط فيه أن يكون معظم الليل من ليالي أيام التشريق الثلاثة لمن لم يتعجل. أما من أراد أن يتعجل. ويخرج من منى إلى مكة في اليوم الثاني من أيام التشريق وهو الثالث من أيام العيد، فيسقط عنه المبيت بمنى ليلة الثالث من أيام التشريق والرمي فيه. لقوله تعالى: فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه
– الآية. بشرط أن يخرج من منى قبل غروب الشمس من اليوم الثاني، فلو غربت عليه الشمس، وهو بمنى، تعين عليه المبيت ليلة الثالث. والرمي فيه، إلا إذا كان تأخيره لعذر، ويشترط لجواز الخروج المذكور أن يكون بنية مقارنة له، فلو خرج من غير نية لزمه العود وأن لا يعزم على العود حال خروجه. فلو خرج عازماً على العود لزمه العود. ولا تفيد نية الخروج، وإنما يجب المبيت بمنى ليالي الرمي على غير المعذور، أما المعذور: كرعاة الإبل. وأهل السقاية بمكة أو بالطريق، ومن خاف على نفسه وماله من المبيت فيرخص له في ترك المبيت ولا يلزمه أما الرمي فلا يسقط، الخامس: التباعد عن محرمات الإحرام السابقة.