الفقه علی المذاهب الاربعة-ج1-ص523
الشافعية قالوا: للسعي شروط، ومندوبات ومكروهات: فأما شروطه فهي: أولاً: البدء بالصفا، والختم بالمروة، ويحتسب الذهاب من الصفا إلى المروة شوطاً، ومن المروة إليه شوطاً آخر؛ ثانياً: كونه سبعة أشواط يقيناً. فلو شك في العدد بنى على الأقل، لأنه هو المتيقن، ويلزم استيعاب المسافة في كل شوط، وأن لا يصرف سعيه إلى غير النسك، فلو قصد به المسابقة فقد فلا يصح؛ ثالثاً: أن يقع بعد طواف الإفاضة أو القدوم، بشرط أن لا يتخلل بينهما وقوف بعرفة، فلو طاف للقدوم، ثم وقف بعرفة، فلا يسعى حينئذ، بل يؤخره حتى يفعله بعد طواف الإفاضة؛ وأما مندوباته فهي: أولاً: أن يخرج إليه من باب الصفا، وهو أحد أبواب المسجد الحرام؛ ثانياً: أن يرقى على الصفا حتى يرى الكعبة؛ أما النساء، فلا يسن لهن ذلك، إلا إذا خلا المحل عن الرجال الأجانب؛ ثالثاً: الذكر الوارد عند كل منهما، وهو أن يقول بعد استقبال الكعبة، سواء رقي على الصفا، أو لا: اللّه أكبر ثلاثاً، ثم يقول: وللّه الحمد، اللّه أكبر على ما هدانا، والحمد للّه على ما أولانا، لا إله إلا اللّه وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، يحيى ويميت بيده الخير وهو على كل شيء قدير، لا إله إلا اللّه وحده لا شريك له، أنجز وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده. لا إله إلا اللّه، ولا نعبد إلا إياه، مخلصين له الدين، ولو كره الكافرون، ثم يدعو بما شاء ويكرر الذكر والدعاء ثلاث مرات، رابعاً: أن يكون متطهراً من الحدث والخبث، مستور العورة؛ خامساً: عدم الركوب إلا لعذر؛ سادساً: أن يهرول الرجل في وسط المسافة ذهاباً وإياباً، وأما في أول المسافة وآخرها فيمشي على حسب عادته، كما أن المرأة لا تهرول مطلقاً؛ سابعاً: أن يقول في حال سعيه: رب اغفر وارحم، وتجاوز عما تعلم، إنك أنت الأعز الأكرم؛ ثامناً: اتصاله بالطواف، واتصال أشواطه بعضها ببعض من غير تفريق، ويكره الوقوف أثناءه بغير عذر، وتكراره، وصلاة ركعتين بعده بقصد أنهما سنة للسعي).
5 الركن الرابع؛ الحضور بأرض عرفة، وكيفية الوقوف
الركن الرابع من أركان الحج الحضور بأرض عرفة، على أي حال من الأحوال، سواء كان يقظان أو نائماً، وسواء كان قاعداً أو قائماً، وسواء كان واقفاً أو ماشياً، باتفاق، وله شروط وسنن مفصلة في المذاهب، فانظرها تحت الخط (الشافعية قالوا: للوقوف بعرفة شروط، وسنن؛ أما شروطه فهي: أولاً: أن يكون ذلك الحضور في وقته؛ ووقته من زوال شمس اليوم التاسع من ذي الحجة إلى فجر يوم النحر. ويكفي الحضور من ذلك الوقت ولو لحظة؛ ثانياً: أن يكون الحاج أهلاً للعبادة. بأن لم يكن مجنوناً. ولا سكران زائل العقل. فإن كان مجنوناً أو سكران زائل العقل لم يجزئه ذلك الحضور عن الفرض. وأما المغمى عليه فهو كالمجنون إن لم ترج إفاقته، وإلا ظل محرماً إلى أن يفيق من الإغماء، وأما سننه: فمنها أن يقف في موقف النبي صلى اللّه عليه وسلم عند الصخرات الكبار التي في أسفل جبل الرحمة إن سهل عليه ذلك، وإلا اكتفى بالقرب منها بحسب الإمكان، هذا للرجال. وأما النساء فيندب لهن الجلوس في حاشية الموقف إلا أن يكون لهن هودج ونحوه فإن الأولى لهن حينئذ الركوب فيه، ومنها الاكثار من الدعاء والذكر والتهليل. كأن يقول: لا إله إلا اللّه وحده لا شريك له. له الملك. وله الحمد. وهو على كل شيء قدير، اللّهم اجعل في قلبي نوراً وفي بصري نوراً، اللّهم اشرح لي صدري. ويسر لي أمري. اللّهم لك الحمد كالذي نقول. وخيراً مما نقول، ويندب غير ذلك من الأدعية المعروفة. ويكرر كل دعاء ثلاثاً. ويفتتح بالتحميد والتمجيد والتسبيح. والصلاة على النبي صلى اللّه عليه وسلم، ويختم بمثل ذلك مع التأمين. ويكثر من البكاء، ومن قراءة سورة “الحشر” ومنها أن يحرص على أكل الحلال، وعلى خلوص النية، ومزيد الخضوع والانكسار، ومنها رفع يديه – ولا يجاوز بهما رأسه – وأن يبرز للشمس إلا لعذر، وأن يفرغ قلبه من الشواغل قبل دخول وقت الوقوفن وأن يتجنب الوقوف في الطريق؛ ومنها أن يكون متطهراً من الحدث والخبث، مستور العورة. مستقبل القبلة. وأن يكون راكباً إن أمكن. وأن لا ينهر السائل. أو يحتقر أحداً من خلق اللّه. وأن يترك المخاصمة والمشاتمة، ومنها أن يقف بعرفة إلى الغروب ليحصل بين الليل والنهار.