الفقه علی المذاهب الاربعة-ج1-ص519
للطواف واجبات وسنن مفصلة في المذاهب، فانظرها تحت الخط (الشافعية قالوا: للطواف ثمانية سنن. الأولى: أن يستقبل البيت أول طوافه. ويقف بجانب الحجر إلى جهة الركن اليماني بحيث يصير جميع الحجر عن يمينه، ومنكبه الأيمن عند طرفه ثم ينوي الطواف ثم يمشي مستقبلاً الحجر ماراً إلى جهة الباب. فإذا جاوزه انفتل وجعل يساره إلى البيت، وهذا خاص بالمرة الأولى. الثانية: أن يمشي القادر، ولو امرأة والركوب في الطواف خلاف الأولى إن كان بلا عذر، وإلا فلا بأس به إذا كان الحمل على غير دابة صيانة للمسجد عن الدابة؛ والأفضل أن يكون حافياً ما لم يتأذ بذلك. ويندب أن يضيق الخطوات ليكثر الثواب، وأن يلمس الحجر الأسود بيده أول طوافه، ويقبله تقبيلاً خفيفاً، ولا يسن للمرأة ذلك إلا عند خلو المطاف ليلاً أو نهاراً، ويستحب للرجل أن يضع جبهته عليه؛ وأن يكون الاستلام والتقبيل ثلاثاً، فإن عجز عن الاستلام بيده استلمه بنحو عصا، ويقبل ما أصابه به، فإن عجز عن ذلك أيضاً أشار إليه بيده؛ أو بما فيها؛ واليمين أفضل؛ يفعل ذلك في طوافه؛ الثالثة: الدعاء المأثور، فيقول عند استلام الحجر الأسود عند ابتداء كل طوفة: بسم اللّه؛ واللّه أكبر مع رفع يديه كرفع الصلاة: اللّهم إيماناً بك، وتصديقاً بكتابك، ووفاء بعهدك، واتباعاً لسنة نبيك سيدنا محمد صلى اللّه عليه وسلم، وهذا القول آكد في الطوفة الأولى من غيرها، الرابعة: أن يمشي الذكر مسرعاً من غير عدو، ولا وثب في الطوفات الثلاثة الأولى، ويمشي في الباقي على هينة، بخلاف المرأة، فإنها تمشي كعادتها، الخامسة: الاضطباع للذكر ولو صبياً، وهو أن يجعل وسط ردائه تحت منكبه الأيمن، وطرفيه على منكبه الأيسر، السادسة: أن يكون الرجل والصبي قريباً من البيت عند عدم الزحام، وعدم التأذي بخلاف المرأة، فيسن لها عدم القرب صيانة لها، السابعة: الموالاة في الطواف، فلو أحدث في الطواف، ولو عمداً، تطهر وبنى، لكن الاستئناف أيضاً أفضل، وكذا لو أقيمت الصلاة وهو في الطواف؛ فإنه يصلي ويتم الطواف بعدها، والاستئناف أيضاً أفضل، الثامنة: أن يصلي بعده ركعتين؛ ويكفي فرض أو نفل آخر عنهما ويندب أن تكونا عقب الطواف مباشرة، كما يندب استلام الحجر عقبهما، وأن يسعى عقب الاستلام إن كان السعي مطلوباً منه، والأفضل صلاتهما خلف المقام، ثم بالحجر – بالكسر – ثم ما قرب من البيت، وهما سنة مطلوبة، ولو طال تأخرهما عن الطواف، ويكره قطع الطواف من غير سبب، والبصق ولو في نحو ثوب بلا عذر، وجعل يديه خلف ظهره، أو على فمه في غير حال التثاؤب، وفرقعة الأصابع، ويكره الطواف أيضاً حال مدافعة الأخبثين.
المالكية قالوا: للطواف واجبان، وسنن، فأما واجباه فهما صلاة ركعتين بعده، كما تقدم، والمشي فيه للقادر عليه، وأما سننه، فهي تقبيل الحجر الأسود في الشوط الأول، ويكبر عند ذلك، فإن لم يتمكن من تقبيله لمسه بيده، فإن يستطع لمسه بعود مثلاً، ثم يضع يده أو العود بعد اللمس بأحدهما على فيه، ويكبر حينئذ فإن لم يستطع شيئاً من ذلك كبر عند محاذاته، ومن السنن أيضاً استلام الركن اليماني بيده في الشوط الأول، ثم يضعها على فيه، والدعاء في الطواف، ولا يحد بحد مخصوص، بل بما شاء، والرمل، وهو الإسراع فوق المشي المعتاد في الأشواط الثلاثة الأول، وإنما يسن الرمَل للرجل لا للمرأة، وفي غير طواف الإفاضة، أما الرمل في طواف الإفاضة فهو مندوب، كما يأتي، ويندب في الطواف الرمل في الشواط الثلاثة الأول من طواف الإفاضة لمن يم يطف طواف القدوم، وتقبيل الحجر الأسود في الشوط الأول، واستلام الركن اليماني في الشوط الأول أيضاً، والقرب من الكعبة بالنسبة للرجال، أما النساء فالسنة أن يطفن خلف الرجال، كما في الصلاة.
الحنابلة قالوا: سنن الطواف هي: أولاً: استلام الركن اليماني بيده اليمنى في كل شوط، ثانياً: استلام الحجر الأسود وتقبيله في كل شوط أيضاً إن تيسر، والإشارة إليه بيده عند محاذاته إن تعسر، ثالثاً: الاضطباع في طواف القدوم، وهو أن يجعل وسط ردائه تحت إبطه الأيمن وطرفيه على عاتقه الأيسر، رابعاً الرمَل، وهو الإسراع في المشي مع تقارب الخطى، وإنما يسن في الأشواط الثلاثة الأول من طواف القدوم لغير الراكب والمعذور والمحرم من مكة أو مكان قريب منها، ولغير المرأة أيضاً، أما هؤلاء فلا يسن لهم، كما لا يسن في طواف الزياة ولا غيره مما عدا طواف القدوم، خامساً: الدعاء، سادساً: الذكر، سابعاً؛ القرب من الكعبة، ثامناً: صلاة ركعتين بعد الطواف.