پایگاه تخصصی فقه هنر

الفقه علی المذاهب الاربعة-ج1-ص504

الشافعية قالوا: الاستطاعة نوعان: استطاعة بالنفس، واستطاعة بالغير. أما الأولى فلا تتحقق إلا بأمور: أولاً: القدرة على ما يلزمه من الزاد، وأجرة الخفارة، ونحو ذلك في الذهاب، والإقامة بمكة، والإياب منها إن لم يعزم على الإقامة بها، فإن عزم على الإقامة بها فلا يشترط القدرة على مؤونة الإياب، ثانياً: وجود الراحلة، ويعتبر ذلك في حَق المرأة مطلقاً، سواء كانت المسافة طويلة أو قصيرة، وفي حَق الرجل إن كانت المسافة طويلة، وهي مرحلتان فأكثر، فإن كانت قصيرة وقدر على المشي بدون مشقة لا تحتمل عادة وجب عليه الحج بدون وجود الراحلة، وإلا فلا يجب، والمراد بالراحلة ما يمكن الوصول عليه، سواء كانت مختصة أو مشتركة، بشرط أن يجد من يركب معه؛ فإن لم يجد من يركب معه، ولم يتيسر له ركوبها وحده، فلا يجب عليه الحج، ولا بد أن تكون الراحلة مهيأة بما لا بد منه في السفر كخيمة تنصب عليها لاتقاء حر أو برد وإلا فلا يجب الحج إن حصلت بدونها مشقة لا تحتمل وفي حَق المرأة لا بد من ذلك، ولو لم تتضرر بعدمه. لأن الستر مطلوب في حقها. ويشترط كون ما تقدم عن الزاد والراحلة فاضلاً عن دينه، ولو مؤجلاً، وعن نفقة من تلزمه نفقته حتى يعود، وعن مسكنه اللائق به إن لم يستغن عنه، وإلا باع مسكنه وحج به، وعن مواشي الزراعة، أمن الطريق، ولو ظناً، على نفسه، وعلى زوجه، وعلى ماله، ولو كان قليلاً، فلو كان في الطريق سبع، أو قاطع طريق أو نحوهما، ولا طريق له سوى هذا، فلا يجب عليه الحج، رابعاً: وجود الماء والزاد وعلف الدابة في الطريق. بحيث يجد ذلك عند الاحتياج إليه بثمن المثل على حسب العادة. خامساً: أن يكون مع المرأة زوجها، أو محرمها، أو نسوة يوثق بهن، اثنتان فأكثر، فلو وجدت امرأة واحدة، فلا يجب عليها الحج، وإن جاز لها أن تحج معها حجة الفريضة، بل يجوز لها أن تخرج وحدها لأداء الفريضة عند الأمن. أما في النفل فلا يجوز الخروج مع النسوة ولو كثرت. وإذا لم تجد المرأة رجلاً محرماً أو زوجاً إلا بأجرة لزمتها إن كانت قادرة عليها، والأعمى لا يجب عليه الحج إلا إذا وجد قائداً ولو بأجرة، بشرط أن يكون قادراً عليها، فإن لم يجد قائداً، أو وجده، ولم يقدر على أجرته، فلا يجب عليه، ولو كان مكياً. وأحسن المشي بالعصا. سادساً: أن يكون ممن يثبت على الراحلة بدون ضرر شديد. وإلا فليس بمستطيع بنفسه. سابعاً: أن يبقى من وقت الحج بعد القدرة على لوازمه ما يكفي لأدائه، وتعتبر الاستطاعة عند دخول وقته وهو من أول شوال إلى عشر ذي الحجة، ولو كان مستطيعاً قبل ذلك، ثم عجز عن دخول وقته فلا يجب عليه، وأما النوع الثاني. وهو الاستطاعة بالغير، فسيأتي بيانه في مبحث “الحج عن الغير”).

4 شروط صحة الحج – حج الصبي المميز وغيره – وقت الحج

يشترط لصحة الحج الإسلام، سواء مباشرة الشخص بنفسه أو فعله نيابة عنه، فلا يصح من الكافر ولا عنه طبعاً، والتمييز، فإذا حج صبي مميز وقام بأعمال الحجر، فإنها تصح منه: كالصلاة، باتفاق ثلاثة من الأئمة، وقال المالكية؛ إن التمييز شرط لصحة الإحرام لا لصحة الحج، والأمر في ذلك سهل، فإن التمييز لا بد منه على كل حال، أما الصبي الذي لا يميز والمجنون فإن الحج لا يصح منهما، فلا يصح منهما إحرام، ولا أي عمل من أعمال الحج، ولكن على الوالي أن يقوم بالإحرام عنهما، وعليه أن يحضرهما المواقف، فيطوف ويسعى بهما، ويأخذهما إلى عرفة، وهكذا، ومن شروط صحة الحج أن يباشر أعماله في وقت خاص، فإذا باشرها في وقت آخر بطل حجه، وفي بيان هذا الوقت اختلاف المذاهب، فانظره تحت الخط (الحنفية قالوا: الوقت الذي هو شرط لصحة الحج هو وقت طواف الزيارة، ووقت الوقوف، فأما وقت الوقوف فهو من زوال شمس يوم عرفة إلى طلوع فجر يوم النحر، وأما طواف الزيارة فوقته من فجر يوم النحر إلى آخر العمر، فيصح الطواف في أي زمن بعد الوقوف بعرفة في زمنه المذكور، فلو لم يقف بعرفة في زمنه قبل الطواف لم يصح طوافه، وأما الوقت الذي لا يصح شيء من أفعال الحج قبله، فهو شوال، وذو القعدة وعشر ذي الحجة، فلو طاف أو سعى قبل ذلك، فلا يصح، ويستثنى من ذلك الإحرام، فإنه يصلح قبل أشهر الحج من الكراهة، وزاد الحنفية في شروط الصحة: المكان المخصوص، وهو أرض عرفات للوقوف؛ والمسجد الحرام لطواف الزيارة؛ والإحرام، وقد عدوا شروط الصحة فقط ثلاثة: الإحرام، الوقت، المكان، أما الإسلام فهو شرط وجوب وصحة معاً وأما التمييز فلم يعدوه من شروط الصحة؛ وإن كان شرطاً في المعنى، لأن إحرام غير المميز لا يصح عندهم.