الفقه علی المذاهب الاربعة-ج1-ص498
صدقة الفطر واجبة على كل حر مسلم قادر، أمرنا بها النبي صلى اللّه عليه وسلم في السنة التي فرض فيها رمضان قبل الزكاة، وقد كان صلى اللّه عليه وسلم يخطب قبل يوم الفطر، ويأمر بإخراجها، فقد أخرج عبد الرزاق بسند صحيح عن عبد بن ثعلبة، قال: خطب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قبل يوم الفطر بيوم أو يومين، فقال: “أدّوا صاعاً من بر أو قمح؛ أو صاعاً من تمر أو شعير عن كل حر أو عبد، صغير أو كبير” وفي بيان حكمها ومقاديرها تفصيل المذاهب، فانظره تحت الخط (الحنفية قالوا: حكم صدقة الفطر الوجوب بالشرائط الآتية، فليست فرضاً، ويشترط لوجوبها أمور ثلاثة: الإسلام، والحرية، وملك النصاب الفاضل عن حاجته الأصلية، ولا يشترط نماء النصاب ولا بقاؤه، فلو ملك نصاباً بعد وجوبها، ثم هلك قبل أدائها لا تسقط عنه بخلاف الزكاة، فإنه يشترط فيها ذلك، كما تقدم، وكذا لا يشترط فيها العقل، ولا البلوغ، فتجب في مال الصبي والمجنون، حتى إذا لم يخرجها وليهما كان آثماً، ويجب عليهما دفعها للفقراء بعد البلوغ والإفاقة ووقت وجوبها من طلوع فجر عيد الفطر، ويصح أداؤها مقدماً ومؤخراً، لأن وقت أدائها العمر فلو أخرجها في أي وقت شاء كان مؤدياً لا قاضيا، كما في سائر الواجبات الموسعة، إلا أنها تستحب قبل الخروج إلى المصلى، لقوله صلى اللّه عليه وسلم: “أغنوهم عن السؤال في هذا اليوم”؛ ويجب أن يخرجها عن نفسه، وولده الصغير الفقير، وخادمه، وولده الكبير إذا كان مجنوناً؛ أما إذا كان عاقلاً، فلا يجب على أبيه، وإن كان الولد فقيراً، إلا أن يتبرع، ولا يجب على الرجل أن يخرج زكاة زوجته، فإن تبرع بها أجزأت، ولو بغير إذنها، وتخرج من أربعة أشياء: الحنطة، والشعير، والتمر والزبيب، فيجب من الحنطة نصف صاع عن الفرد الواحد، والصاع أربعة أمداد. والمدر رطلان، والرطل مائة وثلاثون درهماً، ويقدّر الصاع بالكيل المصري بقدحين وثلث. فالواجب من القمح وسدس مصري عن كل فرد، والكيلة المصرية تكفي سبعة أفراد إذا زيد عليها سدس قدح، ويجب من التمر والشعير والزبيب صاع كامل، فالكيلة المصرية منها تجزئ عن ثلاثة، ويبقى منها قدح مصري، ويجوز له أن يخرج قيمة الزكاة الواجبة من النقود، بل هذا أفضل؛ لأنه أكثر نفعاً للفقراء، ويجوز دفع زكاة جماعة إلى مسكين واحد، كما يجوز دفع زكاة الفرد إلى مساكين، ومصرف زكاة الفطر هو مصرف الزكاة العامة الذي ورد في آية: إنما الصدقات للفقراء
الآية.
الحنابلة قالوا: زكاة الفطر واجبة بغروب شمس ليلة عيد الفطر على كل مسلم يجد ما يفضل عن قوته وقوت عياله يوم العيد وليلته، بعد ما يحتاجه من مسكن وخادم ودابة وثياب بذلته وكتب علم، وتلزمه عن نفسه وعمن تلزمه مؤنته من المسلمين، فإن لم يجد ما يخرجه لجميعهم بدأ بنفسه، فزوجته، فرفيقه، فأمه؛ فأبيه، فولده، فالأقرب، فالأقرب، باعتبار ترتيب الميراث، وسن إخراجها عن الجنين، والأفضل إخراجها في يوم العيد قبل الصلاة، ويكره إخراجها بعدها، ويحرم تأخيرها عن يوم العيد إذا كان قادراً على الإخراج فيه، ويجب قضاؤها، وتجزئ قبل العيد بيومين؛ ولا تجزئ قبلهما، ومن وجب عليه زكاة فطره أخرجها في المكان الذي أفطر فيه آخر يوم من رمضان، وكذا يخرج من وجب عليه زكاة فطره أخرجها في المكان الذي أفطر فيه آخر يوم من رمضان، وكذا يخرج من وجبت عليه فطرته في هذا المكان، والذي يجب على كل شخص: صاع من بر أو شعير، أو تمر، أو زبيب، أو أقط، وهو طعام يعمل من اللبن المخيض ويجزئ الدقيق إن كان يساوي الحب في الوزن، فإن لم يوجد أحد هذه الأشياء أخرج ما يقوم مقامه من كل ما يصلح قوتاً من ذرة، أو أرز، أو عدس، أو نح ذلك؛ ويجوز أن يعطي الجماعة فطرتهم لواحد، كما لا يجوز للشخص شراء زكاته، ولو من غير من أخذها منه، ومصرفها مصرف الزكاة المفروضة.