الفقه علی المذاهب الاربعة-ج1-ص492
المالكية قالوا: تجب زكاة الحرث – الزرع والثمار – ويتعلق الوجوب بها من وقت الطيب، وهو بلوغ الزرع، أو الثمر حد الأكل منه؛ قال مالك رضي اللّه عنه: إذا أزهى النخل، وطاب الكرم، وأسود الزيتون، أو قارب، وأفرك الزرع، واستغنى عن الماء، وجبت فيه الزكاة، وحيث إن الزكاة وجبت فيها من حين الطيب فكل ما أكل من الحب، وهو فريك، أو من البلح هو بسر، أو من العنب بعد ظهور الحلاوة فيه يحسب، وتتحرى زكاته، وإذا أخرج زكاته منه إذ ذاك أجزأه، وكذلك يحسب ما يرميه الهواء إن أمكن جمعه والانتفاع به، أو يهديه أو يعلف به الدواب، أو يستأجر به الحصاد أو غيره، ولا يجسب ما يأكله الطير أو الجراد، وما تلف بسبب حر أو برد، وكل جائحة سماوية، وكذا لا يحسب ما تأكله الدابة في حال درسها، ويشترط في وجوب الزكاة بلوغ الحرث نصاباً، ونصاب الحرث خمسة أوسق، لقول النبي صلى اللّه عليه وسلم: “ليس في حب ولا تمر صدقة حتى تبلغ خمسة أوسق”، وقدر النبي صلى اللّه عليه وسلم الوسق بستين صاعاً بصاع المدينة في عهده، والصاع خمسة أرطال وثلث بالرطل العراقي، وبالكيل أربعة أمداد بمد النبي صلى اللّه عليه وسلم، والمد ثلث قدح بالقدح المصري، فيكون الصاع قدحا وثلثاً، وقدر النصاب بالكيل المصري بأربعة أرادب، وويبة – كيلتين – ، ويقدر الجفاف للأوسق إن كانت غير جافة بالفعل ولا يحسب منها الحشف، وتعتبر خالصة من القشر الذي تخزن بدونه كقشر الفول الأعلى. أما القشر الذي تخزن فيه: كقشر حب الفول، فلا يعتبر الخلوص منه، وإنما تجب الزكاة في الحبوب والثمار إذا حصلت في الإنبات، أو غرس الشخص، سواء أكانت الأرض خراجية أم لا، أما ما نبت بنفسه في الجبال أو في الأرض المباحة، فلا زكاة فيه: ومن سبق إلى شيء منها ملكه، وتجب الزكاة في عشرين نوعاً، وهي: القمح، والشعير، والسلت – نوع من الشعير لا قشر له – والعلس – وهو نوع من القمح تكون الحبتان منه في قشرة واحدة، – وهو طعام أهل صنعاء باليمن – ، والأرز، والدخ، والجلبان – ، وذوات الزيوت الأربعة، وهي: – الزيتون والسمسم، والقرطم وحب الفجل الأحمر – ونوعان من الثمار. وهما: – التمر، والزبيب – ولا زكاة في غيرها، إلا أن تكون عروض تجارة، فزكى قيمتها على ما تقدم، والواجب إخراجه هو نصف العشر من الحب، أو التمر، أو زيت ما له زيت، متى بلغ الحب نصاباً، وإن لم يبلغه الزيت وإنما يجب نصف العشر إن سقي بالآلات، فإن سقي بالمطر أو السيح، فالعشر، ولو اشترى المطر ممن نزل بأرضه، أو أنفق عليه حتى أوصله لأرضه من غير آلة رافعة، ففيه العشر أيضاً، وإن سقي بالآلة وبغيرها نظر للزمن، فإن تساوت مدة السقيين أو تقاربت أخرج عن النصف العشر، وعن النصف الآخر نصف العشر، فيخرج عن الجمع ثلاثة أرباع العشر، فإن كانت مدة أحدهما الثلث أو قريباً منه فقيل: يعتبر الأكثر، فيزكي الكل عن حكمه، وقيل: ينظر لكل واحدة على حدة فإذا كان السقي في ثلثي المدة بدون آلة وفي ثلثها بالآلة أخرج عن ثلثي الخارج العشر وعن ثلثه نصف العشر. وعلى القول الأول يخرج عن الكل العشر، ويضم بعض الأنواع إلى بعض على الأوجه الآتي: القطاني السعة المتقدمة جنس واحد في الزكاة، تضم أنواعه بعضها إلى بعض.
فإذا حصل من مجموعها نصاب فأكثر، وجبت زكاة الجميع، ويخرج من كل نوع القدر الذي يخصه والقمح والشعير والسلت في “باب الزكاة” جنس واحد كذلك. فإن اجتمع منها نصاب وجبت زكاة الجميع. وأخرج من كل نوع ما يخصه. وشروط الضم من كل ما ذكر أن يزرع المضموم قبل استحقاق حصاد المضموم إليه وغلا لم يضم إليه. وأن يبقى من حب الأول إلى وجوب زكاة الثاني ما يكملان به نصاباً. وأما الذي لا يضم بعضه إلى بعض فهو باقي الأنواع العشرين السابقة: كالأرز والذرة والعلس والتمر. والزبيب. فكل واحد منها ينظر إليه وحده. فإن حصل منه نصاب وجبت زكاته وإلا فلا، فلا يضم أرز لذرة ولا تمر لزبيب، كما لا يضم فول إلى قمح ولا عدس إلى شعير مثلاً. وأما أصناف منهما نصاب يزكي الجميع وأخرج من كل بقدره. فإن اجتمع النصاب من جيد ومتوسط ورديء، أخرج زكاة الجميع من المتوسط. فإن أخرجهما من الجيد كان أفضل ولا يجزء الإخراج من الرديء لا عنه ولا عن غيره. وإذا بدا صلاح البلح باحمراره أو اصفراره. أو بدا صلاح العنب بحلاوته. واحتاج المالك للأكل منه أو بيعه. أو إهدائه. فعليه أن يقدره أولاً بواسطة عدل عارف ما على الأشجار والنخيل من العنب والبلح إذا جف كل منهما، بأن صار البلح تمراً والعنب زبيباً. ويكون التقدير لشجرة شجرة ويعد ذلك يتصرف فيه كيف يشاء. فإذا بلغ مقدار الزبيب أو التمر نصاباً: زكي إن كان كل منهما مما شأنه الجفاف. واليبس وإلا أخرج الزكاة من الثمن إن باعه. ومن القيمة إن لم يبعه. فيخرج عشر الثمن أو القيمة أو نصف عشرهما كما سبق، متى بلغ الحب بالتقدير نصاباً، ولو لم يبلغه الثمن ولا القيمة، وكذا الحكم في كل زرع وثمر شأنه عدم الجفاف، ولو لم يكن محتاجاً إلى بيعه، أو أكله، فيخرج عنه من ثمنه إن باعه ومن قيمته إن لم يبعه، وذلك: كالفول المسقاري، ورطب مصر، وعنبها؛ والزيتون الذي لا زيت له تخرج من ثمنه أو قيمته إن بلغ الحب نصاباً).
3 مصرف الزكاة
تصرف الزكاة للأصناف الثمانية المذكورة في قوله تعالى: إنما الصدقات للفقراء، والمساكين، والعاملين عليها، والمؤلفة قلوبهم، وفي الرقاب؛ والغارمين، وفي سبيل اللّه، وابن السبيل