الفقه علی المذاهب الاربعة-ج1-ص456
الشافعية قالوا: يغتفر للصائم أمور، ويكره له أمور: فيغتفر له وصول شيء إلى الجوف بنسيان أو إكراه، أو بسبب جهل يعذر به شرعاً، ومنه وصول شيء كان بين أسنانه بجريان ريقه بشرط، أن يكون عاجزاً عن مجه؛ أما إذا ابتلعه مع قدرته على مجه، فإنه يفسد صومه، ومثل هذا النخامة، وأثر القهوة على هذا التفصيل، ومن ذلك غبار الطريق، وغربلة الدقيق، والذباب، والبعوض، فإذا وصل إلى جوفه شيء من ذلك لا يضر، لأن الاحتراز عن ذلك من شأنه المشقة والحرج، ويكره له أمور: منها المشاتمة، وتأخير الفطر عن الغروب إذا اعتقد أن هذا فضيلة، وإلا فلا كراهة، ومن ذلك مضغ العلك – اللبان – ، ومنه مضغ الطعام، فإنه لا يفسد، ولكنه يكره إلا لحاجة، كأن يمضغ الطعام لولده الصغير ونحوه، ومن ذلك ذوق الطعام، فإنه يكره للصائم إلا لحاجة، كأن يكون طباخاً ونحوه، فلا يكره، ومن ذلك الحجامة والقصد، فإنهما يكرهان للصائم إلا لحاجة، ومن ذلك التقبيل إن لم يحرك الشهوة، وإلا حرم ومثل المعانقة والمباشرة، ومن ذلك دخول الحمام فإنه مضعف للصائم، فيكره له ذلك لغير حاجة. ومن ذلك السواك بعد الزوال فإنه يكره إلا إذا كان لسبب يقتضيه، كتغير فمه بأكل نحو بصل بعد الزوال نسياناً، ومن ذلك تمتع النفس بالشهوات من المبصرات والمشمومات والمسموعات إن كان كل ذلك حلالاً، فإنه يكره، أما التمتع بالمحرم فهو محرم على الصائم والمفطر، كما لا يخفى، ومن ذلك الاكتحال، وهو خلاف الأولى على الراجح).
3 حكم من فسد صومه في أداء رمضان
من فسد صومه في أداء رمضان وجب عليه الإمساك بقية اليوم تعظيماً لحرمة الشهر، فإذا داعب شخص زوجه أو عانقها أو قبلها أو نحو ذلك فأمنى، فسد صومه، وفي هذه الحالة يجب عليه الإمساك بقية اليوم، ولا يجوز له الفطر، أما من فسد صومه في غير أداء رمضان، كالصيام المنذور، سواء أكان معيناً أم لا، وكصوم الكفارات، وقضاء رمضان، وصوم التطوع، فإنه لا يجب عليه الإمساك بقية اليوم، باتفاق ثلاثة من الأئمة، وخالف المالكية، فانظر مذهبهم تحت الخط (المالكية قالوا: يجب إمساك المفطر في النذر المعين أيضاً، سواء أفطر عمداً أو لا، لتعيين وقته للصوم بسبب النذر، كما أن شهر رمضان متعين للصوم في ذاته، أما النذر غير المعين وباقي الصوم الواجب، فإن كان التتابع واجباً فيه كصوم كفارة رمضان، وصوم شهر نذر أن يصومه متتابعاً فلا يجب عليه الإمساك إذا أفطر فيه عمداً لبطلانه بالفطر، ووجوب استئنافه من أوله، وإن أفطر فيه سهواً أو غلبة. فإن كان في غير اليوم الأول منه وجب عليه الإمساك. وإن كان في اليوم الأول ندب الإمساك، ولا يجب، وإن كان التتابع غير واجب فيه. كقضاء رمضان وكفارة اليمين جاز الإمساك وعدمه، سواء أفطر عمداً أو لا، لأن الوقت غير متعين للصوم. وإن كان الصوم، نفلاً، فإن أفطر فيه نسياناً وجب الإمساك، لأنه لا يجب عليه قضاؤه بالفطر نسياناً، وإن أفطر فيه عمداً، فلا يجب الإمساك لوجوب القضاء عليه بالفطر عمداً، كما تقدم).
3 الأعذار المبيحة للفطر
4 المرض وحصول المشقة الشديدة
الأعذار التي تبيح الفطر للصائم كثيرة: منها المرض، فإذا مرض الصائم، وخاف زيادة المرض بالصوم، أو خاف تأخر البرء من المرض، أو حصلت له مشقة شديدة بالصوم، فإنه يجوز له الفطر، باتفاق ثلاثة، وقال الحنابلة” بل يسن له الفطر، ويكره له الصوم في هذه الأحوال، أما إذا غلب على ظنه الهلاك أو الضرر الشديد بسبب الصوم، كما إذا خاف تعطيل حاسة من حواسه، فإنه يجب عليه الفطر، ويحرم عليه الصوم، باتفاق.
هذا ما إذا كان مريضاً بالفعل، أما إذا كان صحيحاً، وظن بالصوم حصول مرض شديد، ففي حكمه تفصيل في المذاهب مذكور تحت الخط (الحنابلة قالوا: يسن له الفطر، كالمريض بالفعل، ويكره له الصيام.