الفقه علی المذاهب الاربعة-ج1-ص415
الشافعية قالوا: يشترط في الدعاء أن يكون بعد التكبيرة الثالثة طلب الخير للميت الحاضر، فلو دعا للمؤمنين بغير دعاء له بخصوصه لا يكفي إلا إذا كان صبياً، فإنه يكفي كما يكفي الدعاء لوالديه، وأن يكون المطلوب به أمراً أخروياً. كطلب المغفرة والرحمة، ولو كان الميت غير مكلف، كالصبي والمجنون الذي بلغ مجنوناً واستمر كذلك إلى الموت، ولا يتقيد المصلي في الدعاء بصيغة خاصة، ولكن الأفضل أن يدعو بالدعاء المشهور عند الأمن من تغير رائحة الميت. فإن خيف ذلك وجب الاقتصار على الأقل، والدعاء المشهور هو: اللّهم هذا عبدك وابن عبدك، خرج من روح الدنيا وسعتها، ومحبوبه وأحبائه فيها إلى ظلمة القبر وما هو لاقيه، كان يشهد أن لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك، وأن سيدنا محمداً صلى اللّه عليه وسلم عبدك ورسولك، وأنت أعلم به منا، اللّهم إنه نزل بك، وأنت خير منزول به، وأصبح فقيراً إلى رحمتك، وأنت غني عن عذابه، وقد جئناك راغبين إليك شفعاء له، اللّهم إن كان محسناً فزد في إحسانه، وإن كان مسيئاً فتجاوز عنه، ولقه برحمتك رضاك، وقِهِ فتنة القبر وعذابه، وأفسح له في قبره؛ وجافي الأرض عن جنبيه، ولقه برحمتك الأمن من عذابك حتى تبعثه آمناً إلى جنتك برحمتك يا ارحم الراحمين؛ ويستحب أن يقول قبله: اللّهم اغغفر لحينا وميتنا، وشاهدنا وغائبنا وصغيرنا وكبيرنا، وذكرنا وأنثانا، اللّهم من أحييته منا، فأحيه على الإسلام، ومن توفيته منا، فتوفه على الإيمان، اللّهم لا تحرمنا أجره. ويندب أن يقول قبل الدعاءين المذكورين: اللّهم اغفر له وارحمه، وعافه واعف عنه وأكرم نزله، ووسع مدخله، واغسله بالماء والثلج والبرد، ونقه من الخطايا، كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، وأبدله داراً خيراً من داره، وأهلاً خيراً من أهله، وزوجاً خيراً من زوجه، وأعذه من عذاب القبر وفتنته، ومن عذاب النار، وينبغي أن يلاحظ قارئ الدعاء التذكير والتأنيث والتثنية والجمع بما يناسب حال الميت الذي يصلي عليه، وله أن يذكر مطلقاً بقصد الشخص، وأن يؤنث مطلقاً بقصد الجنازة، ويصح أن يقول في الدعاء على الصغير بدل الدعاء المذكور: اللّهم اجعله فرطاً لأبويه، وسلفاً وذخراً وعظة واعتباراً وشفيعاً، وثقل به موازينهما، وأفرغ الصبر على قلوبهما، ولا تفتهما بعده، ولا تحرمهما أجره.
هذا، ويسن أن يرفع يديه عند كل تكبيرة.
الحنابلة قالوا: محل الدعاء بعد التكبيرة الثالثة، ويجوز عقب الرابعة، ولا يصح عقب سواهما، وأقل الواجب بالنسبة للكبير: اللّهم اغفر له ونحوه، وبالنسبة للصغير: اللّهم اغفر لوالديه بسببه، ونحو ذلك، والمسنون الدعاء بما ورد، ومنه اللّهم اغفر لحينا وميتنا، وشاهدنا وغائبنا، وصغيرنا وكبيرنا، وذكرنا وأنثانا إنك نعلم متقلبنا ومثوانا، وأنت على كل شيء قدير، اللّهم من أحييته منا فأحيه على الإسلام والسنة، ومن توفيته منا، فتوفه عليهما، اللّهم اغفر له وارحمه وعافه واعف عنه وأكرم نزله، ووسع مدخله، واغسله بالماء والثلج والبرد، ونقه من الذنوب والخطايا، كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، وأبدله داراً خيراً من داره، وزوجاً خيراً من زوجه، وأدخله الجنة، وأعذه من عذاب القبر، ومن عذاب النار، وأفسح له قبره ونور له فيه، وهذا الدعاء للميت الكبير ذكراً كان أو أنثى، إلا أنه يؤنث الضمائر في الأنثى، وإن كان الميت صغيراً أو بلغ مجنوناً واستمر على جنونه حتى مات قال في الدعاء: اللّهم اجعله دخراً لوالديه، وفرطاً وأجراً وشفيعاً مجاباً، اللّهم ثقل به موزاينهما، وأعظم به أجورهما، وألحقه بصالح سلف المؤمنين، واجعله في كفالة إبراهيم، وقه برحمتك عذاب الجحيم، يقال ذلك في الذكر والأنثى، إلا أنه يؤنث في المؤنث)؛ خامسها: السلام بعد التكبيرة الرابعة وهو ركن عند ثلاثة، وقال الحنفية: إنه واجب، كالسلام في باقي الصلوات، فلا تبطل الصلاة بتركه، ومنها الصلاة على النبي صلى اللّه عليه وسلم بعد التكبيرة الثانية، وهي ركن عند الشافعية، والحنابلة: أما الحنفيةن والمالكية، فانظر مذهبيهما تحت الخط (الحنفية قالوا: الصلاة على النبي صلى اللّه عليه وسلم بعد التكبيرة الثانية مسنونة وليست ركناً.
المالكية قالوا: الصلاة على النبي صلى اللّه عليه وسلم مندوبة عقب كل تكبيرة قبل الشروع في الدعاء)؛ وأما قراءة الفاتحة في صلاة الجنازة ففيها اختلاف في المذاهب، فانظره تحت الخط (الحنفية قالوا: قراءة الفاتحة بنية التلاوة في صلاة الجنازة مكروهة تحريماً، أما بنية الدعاء فجائزة.
الشافعية قالوا: قراءة الفاتحة في صلاة الجنازة ركن من أركانها، والأفضل قراءتها بعد التكبيرة الأولى، وله قراءتها بعد أي تكبيرة، ومتى شرع فيها بعد أي تكبيرة وجب إتمامها، ولا يجوز قطعها ولا تأخيرها إلى ما بعدها، فإن فعل ذلك بطلت صلاته، ولا فرق بين المسبوق وغيره.
الحنابلة قالوا: قراءة الفاتحة فيها ركن، ويجب أن تكون بعد التكبيرة الأولى.