الفقه علی المذاهب الاربعة-ج1-ص410
وفي أنواع الكفن وصفته تفصيل في المذاهب مذكورة تحت الخط (الشافعية قالوا: لا يجوز تكفين الميت إلا بما كان يجوز له لبسه حال حياته، فلا يكفن الرجل ولا الخنثى بالحرير والمزعفر إن وجد غيرهما، وإلا جاز للضرورة، ويكره تكفينهما بالمعصفر أما الصبي والمجنون والمرأة فيجوز تكفينهم بالحرير والمعصفر والمزركش بالذهب أو الفضة مع الكراهة، والأفضل أن يكون الكفن أبيض اللون قديماً مغسولاً، فإن لم يوجد ذلك كفن بما يحل، فإن لم يوجد إلا حرير، وجلد، وحشيش، وحناء معجونة؛ وطين، قدم الحرير على الجلد، والجلد على الحشيش، والحشيش على الحناء المعجونة؛ وهي مقدمة على الطين، ويجب أن يكون الكفن طاهراً، فلا يجوز تكفينه بالمتنجس مع القدرة على الطاهر، ولو كان حريراً، فإن لم يوجد طاهر صلي عليه عارياً ثم كفن بالمتنجس ودفن، وتكره المغالاة في الكفن بأن يكون غالي القيمة كما يكره للحي أن يدّخر لنفسه كفناً حال حياته إلا إذا كان ذلك الكفن من آثار الصالحين فيجوز، ويحرم كتابة شيء من القرآن على الكفن؛ ويكره أن يكون في الكفن شيء غير البياض، كالعصفر ونحوه، ثم الكفن ثلاثة من تركته، ولم يكن عليه دين مستغرق للتركة، ولم يوصي أن يكفن بثوب واحد، وإلا كفن أثواب للذكر والأنثى يستر كل واحد منها جميع بدن الميت إلا رأس المحرم ووجه المحرمة، وهذا إذا كفن بثوب واحد ساتر لجميع بدن غير المحرم، ويجوز الزيادة على ذلك إن تبرع بها غيره، أما من يكفن من بيت المال؛ أو من المال الموقوف على أكفان الموتى فيحرم الزيادة فيه على ثوب واحد، إلا إن شرط الواقف زيادة على ذلك فينفذ شرطه، ويجوز أن يزاد على الثلاثة الأثواب المتقدمة في كفن الرجل قميص تحتها وعمامة على رأسه، ولكن الأفصل والأكمل الاقتصار على الثلاثة فقط، وإنما تجوز الزيادة ما لم يكن في الورثة قاصر أو محجور عليه، وإلا حرمت الزيادة. أما الأنثى فالأكمل أن يكون كفنها خمسة أشياء: إزار، فقميص، فخمار، فلفافتان، وكيفيته أن يبسط أحسن اللفائف وأوسعها ويوضع عليه حنوط – نوع من الطيب – ونحوه كالكافور، وتوضع الثانية فوقها ويوضع عليه الحنوط وكذا الثالثة إن كانت، ثم يوضع الميت فوقها برفق مستلقياً على ظهره؛ وتجعل يداه على صدره، ويمناه على يسراه أو يرسلان في جنبيه، ثم تشد أليتاه بخرقة بعد أن يدس بينهما قطن مندوف عليه حنوط حتى تصل الخرقة إلى حلقة الدبر من غير إدخال، وينبغي أن تكون الخرقة مشقوقة الطرفين على هيئة – الحفاظ – وتلف عليه اللفائف واحدة واحدة بأن يثنى حرفها الذي يلي شقه الأيسر على الأيمن وبالعكس، وينبغي جميع الباقي من الكفن عند رأسه ورجليه وتشد لفائف غير المحرم بأربطة خشية الانتشار عند مله، وتحل الأربطة بعد وضعه في القبر تفاؤلاً بحل الشدائد عنه، ولا يطيب المحرم مطلقاً في كفنه ولا في بدنه ولا في ماء غسله، كما تقدم، كما لا يجوز تكفينه بشيء يحرم عليه لبسه في حال إحرامه، كالمخيط.
الحنفية قالوا: أحب الأكفان أن تكون بالثياب البيض، سواء كانت جديدة أو خلقة، وكل ما يباح للرجال لبسه في حال الحياة يباح التكفين به بعد الوفاة، وكل ما لا يباح في حال الحياة يكره التكفين فيه، فيكره للرجال التكفين بالحرير والمعصفر والمزعفر ونحوها إلا إذا لم يوجد غيرها، أما المرأة فيجوز تكفينها بذلك وينظر في كفن الرجل إلى مثل ثيابه لخروجه في العيدين، وينظر في كفن المرأة إلى مثل ثيابها عند زيارة أبويها، والكفن ثلاثة أنواع: كفن السنة وكفن الكفاية، وكفن الضرورة، وكل منها إما أن يكون للرجل أو للمرأة، فكف السنة للرجال والنساء قميص وإزار ولفافة، والقميص من اصل العنق إلى القدم، والإزار من قرن الرأس إلى القدم، ومثله اللفافة، ويزاد للمرأة على ذلك خمار يستر وجهها، وخرقة تربط ثدييها، ولا تعمل للقميص أكمام ولا فتحات في ذيله، وتزاد اللفافة عند رأسه وقدمه كي يمكن ربط أعلاها وأسفلها، فلا يظهر من الميت شيء، ويجوز ربط أوسطها بشريط من قماش الكفن إذا خيف انفراجها، وأما كفن الكفاية فهو الاقتصار على الإزار أو اللفافة أو مع الخمار وخرقة الثديين للنساء مع ترك القميص فيهما، فيكفي هذا بدون كراهة، وأما كفن الضرورة فهو ما يوجد حال الضرورة ولو بقدر ما يستر العورة، وإن لم يوجد شيء يغسل ويجعل عليه الإذخر إن وجد، ويصلى على قبره، وإذا كان للمرأة ضفائر وضعت على صدرها بين القميص وإزار، ويندب تبخير الكفن، كما تقدم.
هذا وإذا كان مال الميت قليلاً وورثته كثيرون، أو كان مديناً يقتصر على كفن الكفاية، وكيفية التكفين أن تبسط اللفافة ثم يبسط عليها إزار، ثم يوضع الميت على الإزار ويقمص ثم يطوى الإزار عليه من قبل اليسار، ثم من قبل اليمين، وأما المرأة فتبسط لها اللفافة والإزار ثم توضع على الإزار وتلبس الدرع، ويجعل شعرها ضفيرتين على صدرها فوق الدرع، ثم يجعل الخمار فوق ذلك، ثم يطوي الإزار واللفافة، ثم الخرقة بعد ذلك تربط فوق الأكفان وفوق القدمين.