پایگاه تخصصی فقه هنر

الفقه علی المذاهب الاربعة-ج1-ص388

الشافعية قالوا: يجوز الجمع بين الصلاتين المذكورتين جمع تقديم أو تأخير للمسافر مسافة القصر المتقدمة بشروط السفر، ويجوز جمعها جمع تقديم فقط بسبب نزول المطر، ويشترط في جميع التقديم ستة شروط: الأول: الترتيب بأن يبدأ بصاحبة الوقت، فلو كان في وقت الظهر وأراد أن يصلي معه العصر في وقته يلزمه أن يبدأ بالظهر، فلو عكس صحت صلاة الظهر، وهي صاحبة الوقت، وأما التي بدأ بها وهي العصر، فلم تنعقد لا فرضاً ولا نفلاً إن لم يكن عليه فرض من نوعها، وإلا وقعت بدلاً منه، وإن كان ناسياً أو جاهلاً وقعت نفلاً: الثاني: نية الجمع في الأولى بأن ينوي بقلبه فعل العصر بعد الفراغ من صلاة الظهر، ويشترط في النية أن تكون في الصلاة الأولى ولو مع السلام منها، فلا تكفي قبل التكبير، ولا بعد السلام؛ الثالث: الموالاة بين الصلاتين، بحيث لا يطول الفصل بينهما بما يسع ركعتين بأخف ما يمكن فلا يصلي بينهما النافلة الراتبة، ويجوز الفصل بينهما بالأذان والإقامة والطهارة، فلو صلى الظهر وهو متيمم ثم أراد أن يجمع معه العصر، فلا يضره أن يفصل بالتيمم الثاني للعصر، إذا لا يجوز أن يجمع بين صلاتين بالتيمم، كما تقدم؛ الرابع: دوام السفر إلى أن يشرع في الصلاة الثانية بتكبيرة الإحرام، ولو انقطع سفره بعد ذلك أثناءها، أما إذا انقطع سفره قبل الشروع فيها فلا يصح الجمع لزوال السبب؛ الخامس: بقاء وقت الصلاة الأولى جمعة في مكان تعددت فيه لغير حاجة وشك في السبق والمعية لا يصح جمع العصر معها جمع تقديم. هذا، والأولى ترك الجمع لأنه مختلف في جوازه في المذاهب، لكن يسن الجمع إذا كان الحاج مسافراً وكان بعرفة أو مزدلفة، فالأفضل للأول جمع العصر مع الظهر تقديماً، وللثاني جمع المغرب مع العشاء تأخيراً، لاتفاق المذاهب على جواز الجمع فيهما.

واعلم أن الجمع قد يكون أيضاً واجباً ومندوباً، فيجب إذا ضاق وقت الأولى عن الطهارة والصلاة أن يجمع تأخيراً، ويندب للحاج المسافر على ما سبق بيانه، كما يندب إذا ترتب على الجمع كمال الصلاة، كأن يصليها جماعة عند الجمع بدل صلاتها منفرداً عند عدمه، ويشترط لجمع الصلاة جمع تأخير في السفر شرطان: الأول نية التأخير في وقت الأولى ما دام الباقي منه يسع الصلاة تامة أو مقصورة، فإن لم ينو التأخير أو نواه والباقي من الوقت لا يسعها فقد عصى، وكانت قضاء إن لم يدرك منها ركعة في الوقت، وإلا كانت أداء مع الحرمة، الثاني: دوام السفر إلى تمام الصلاتين، فلو أقام قبل ذلك صارت الصلاة التي نوى تأخيرها قضاء؛ أما الترتيب والموالاة بين الصلاتين في جمع التأخير فهو مسنون، وليس بشرط، ويجوز للمقيم أن يجمع في السفر ولو عصراً مع الجمعة تقديماً في وقت الأولى بسبب المطر، ولو كان المطر قليلاً بحيث يبل أعلى الثوب: أو أسفل النعل، ومثل المطر الثلج والبرد الذائبان، ولكن لا يجمع المقيم هذا الجمع إلا بشروط: الأول: أن يكون المطر ونحوه موجوداً عند تكبيرة الإحرام فيهما، وعند السلام من الصلاة الأولى حتى تتصل بأول الثانية: ولا يضر القطاع المطر في أثناء الأولى أو الثانية أو بعدهما، الثاني: الترتيب بين الصلاتين؛ الثالث: الموالاة بينهما؛ الرابع: نية الجمع كما تقدم في “جمع السفر”، الخامس: أن يصلي الثانية جماعة، ولو عند إحرامها: ولا يشترط وجود الجماعة إلى آخر الصلاة الثانية على الراجح، ولو انفرد قبل تمام ركعتها الأولى، السادس: أن ينوي الإمام الإمامة والجماعة؛ والسابع: أن يكون الجمع في مصلى بعيد عرفاً بحيث يأتونه بمشقة في طريقهم إليه، ويستثنى من ذلك الإمام الراتب، فله أن يجمع بالمأمومين بهذا السبب وإن لم يتأذ بالمطر، فإذا تخلف شرط من ذلك، فلا يجوز الجمع للمقيم، وليس من الأسباب التي تبيح للمقيم هذا الجمع الظلمة الشديدة والريح والخوف والوحل والمرض على المشهور، ورجح جواز الجمع تقديماً وتأخيراً للمرض.