پایگاه تخصصی فقه هنر

الفقه علی المذاهب الاربعة-ج1-ص379

يشترط لصحة قصر الصلاة شروط: منها أن يكون السفر مسافة تبلغ ستة عشر فرسخاً ذهاباً فقط، والفرسخ ثلاثة أميال، والميل ستة آلاف ذراع بذراع اليد، وهذه المسافة تساوي ثمانين كيلو ونصف كيلو ومائة وأربعين متراً – مسيرة يوم وليلة بسير الإبل المحملة بالأثقال سيراً معتاداً – وتقدير المسافة بهذا متفق عليه بين الأئمة الثلاثة ما عدا الحنفية، فانظر مذهبهم تحت الخط (الحنفية قالوا: المسافة مقدرة بالزمن، وهو ثلاثة أيام من أقصر أيام السنة، ويكفي أن يسافر في كل يوم منها من الصباح إلى الزوال، والمعتبر السير الوسط، أي سير الإبل، ومشي الأقدام، فلو بكر في اليوم الأول ومشى إلى الزوال، وبلغ المرحلة، ونزل وبات فيها، ثم بكر في اليوم الثاني، وفعل ذلك، ثم فعل ذلك في اليوم الثالث أيضاً فقد قطع مسافة القصر، ولا عبرة بتقديرها بالفراسخ على المعتمد، ولا يصح القصر في أقل من هذه المسافة وبعض الحنفية يقدرها بالفرسخ، ولكنه يقول: إنها أربعة وعشرون فرسخاً، فهي ثلاث مراحل لا مرحلتان)، ويقدر الشافعية هذه المسافة بمرحلتين، والمرحلة عندهم ثمانية فراسخ، ولا يضر نقصان المسافة عن المقدار المبين بشيء قليل، كميل أو ميلين باتفاق الحنفية، والحنابلة؛ أما المالكية والشافعيةن فانظر مذهبيهما تحت الخط (المالكية قالوا: إن نقصت المسافة عن القدر المبين بثمانية أميال وقصر الصلاة صحت صلاته، ولا إعادة عليه على المشهور، ويستثنى من اشتراط المسافة أهل مكة ومنى ومزدلفة والمحصب إذا خروجوا في موسم الحج للوقوف بعرفة، فإنه يسن لهم القصر في حال ذهابهم وكذا في حال إيابهم إذا بقي عليهم عمل من أعمال الحج التي تؤدي في غير وطنهم، وإلا أتموا.

الشافعية قالوا: يضر نقصان المدة عن القدر المبين، فإذا نقصت ولو بشيء يسير فإن القصر لا يجوز، على أنهم اكتفوا في تقدير المسافة بالظن الراجح، ولم يشترطوا اليقين)، ولا يشترط أن يقطع هذه المسافة في المدة المذكورة – يوم وليلة – فلو قطعها في أقل منها ولو في لحظة صح القصر، كما إذا كان مسافراً بالطائرة ونحوها، وهذا متفق عليه.

4 نية السفر

لا يصح القصر إلا إذا نوى السفر، فنية السفر شرط لصحة القصر باتفاق، ولكن يشترط لنية السفر أمران: أحدهما: أن ينوي قطع تلك المسافة بتمامها من أول سفره، فلو خرج هائماً على وجهه لا يدري أين يتوجه لا يقصر، ولو طاف الأرض كلها، لأنه لم يقصد قطع المسافة، وهذا الحكم متفق عليه، وكذلك لا يقصر إذا نوى قطع المسافة، ولكنه نوى الإقامة أثناءها مدة قاطعة لحكم السفر وسيأتي بيانها، وخالف في هذا الحكم الحنفية، فانظر مذهبهم تحت الخط (الحنفية قالوا: نية إقامة المدة القاطعة لحكم السفر لا تبطل حكم القصر إلا إذا أقام بالفعل، فلو سافر من القاهرة مثلاً ناوياً الإقامة بأسيوط مدة خمسة عشر يوماً فأكثر يجب عليه القصر في طريقه إلى أن يقيم)؛ ثانيهما: الاستقلال بالرأي، فلا تعتبر نية التابع بدون نية متبوعة، كالزوجة مع زوجها، والجندي مع أميره، والخادم مع سيده، فلو نوت الزوجة مسافة القصر دون زوجها لا يصخ لها أن تقصر، وكذلك الجندي والخادم ونحوهما، سواء نوى التابع التخلص من متبوعه عند سنوح الفرصة أو لا، باتفاق؛ وخالف الشافعية، فانظر مذهبهم تحت الخط (الشافعية: زادوا حكماً آخر، وذلك أن التابع إذا نوى أنه متى تخلص من التبعية يرجع من سفره كالجندي إذا شطب اسمه، والخادم إذا انفصل من الخدمة. فلا يقصر في هذه الحالة حتى يقطع مسافة القصر وهي المرحلتان، فإن فاتته صلاة حين بلوغه المرحلتين قضاها مقصورة لأنها فائتة سفر)، ولا يشترط في نية السفر البلوغ؛ فلو نوى الصبي مسافة القصر قصر الصلاة، إلا عند الحنفية، فانظر مذهبهم تحت الخط (الحنفية قالوا: يشترط فينية السفر أن تكون من بالغ، فلا تصح نية الصبي، فشروط نية السفر عندهم ثلاثة: نية قطع المسافة بتمامها من أول السفر، والاستقلال بالرأي، والبلوغ).

4 حكم قصر الصلاة في السفر المحرم والمكروه