پایگاه تخصصی فقه هنر

الفقه علی المذاهب الاربعة-ج1-ص337

المالكية قالوا: متابعة المأموم لإمامه هي عبارة عن أن يكون فعل المأموم في صلاته واقعاً عقب فعل الإمام، فلا يسبقه، ولا يتأخر عنه، ولا يساويه، وتنقسم هذه المتابعة إلى أربعة أقسام: الأول: المتابعة في تكبيرة الإحرام، وحكم هذه المتابعة أنها شرط لصحة صلاة المأموم، فلو كبر المأموم تكبيرة احرام قبل إمامه أو معه بطلت صلاته؛ بل يشترط أن يكبر المأموم بعد أن يفرغ إمامه من التكبير؛ بحيث لو كبر بعد شروع إمامه؛ ولكن فرغ من التكبير قبل فراغ الإمام أو معه بطلت صلاته، الثاني: المتابعة في السلام؛ فيشترط فيها أن يسلم المأموم بعد سلام إمامه، فلو سلم قبله سهواً، فإنه ينتظر حتى يسلم الإمام، ويعيد السلام بعده، وتكون الصلاة صحيحة، فإذا بدأ المأموم بالسلام بعد الإمام، وختم معه أو بعده فإن صلاته تصح؛ أما إذا ختم قبله بطلت صلاته؛ فيحسن أن يسرع الإمام بالسلام كي لا يسبقه أحد من المأمومين بالفراغ من السلام قبله، فتبطل صلاته، وكذلك تكبيرة الإحرام؛ وإذا ترك الإمام السلام، وطال الزمن عرفاً بطلت صلاة الجميع، ولو أتى به المأموم، لما عرفت من أن السلام ركن لكل مصل فلو تركه الإمام بطلت صلاته، وتبطل صلاة المأمومين تبعاً؛ الثالث: المتابعة في الركوع والسجود، ولهذه المتابعة ثلاث صور: الصورة الأولى: أن يركع أو يسجد قبل إمامه سهواً أو خطأً، وفي هذه الحالة يجب أن ينتظر إمامه حتى يركع أو يسجد ثم يشاركه في ركوعه مطمئناً ولا شيء عليه، فإن لم ينتظر إمامه بل رفع من ركوعه عمداً أو جهلاً بطلت صلاته، أما إذا رفع سهواً فإنه عليه أن يرجع ثانياً إلى الاشتراك مع الإمام في ركوعه وسجوده، وتصح صلاته؛ الصورة الثانية: أن يركع أو يسجد قبل إمامه عمداً، وفي هذه الحالة إن انتظر الإمام وشاركه في ركوعه وسجوده، فإن صلاته تصح، ولكنه يأثم لتعمد سبق الإمام، أما إذا لم ينتظره ورفع من ركوعه أو سجوده قبل الإمام، فإن كان ذلك عمداً، فإن صلاته تبطل. وإن كان سهواً فإنه ينبغي له أن يرجع إلى الاشتراك مع الإمام ثانياً، ولا شيء عليه؛ الصورة الثالثة: أن يتأخر المأموم عن إمامه حتى ينتهي من الركن، كأن ينتظر حتى يركع إمامه؛ ويرفع من الركوع وهو واقف يقرأ مثلاً وفي هذه الصورة تبطل صلاة المأموم بشرطين: الأول: أن يفعل ذلك في الركعة الأولى، أما إذا وقع منه ذلك في غير الركعة الأولى، فإن صلاته تصح، ولكنه يأثم بذلك؛ الثاني: أن يصدر منه ذلك الفعل عمداً لا سهواً، أما إذا وقع منه سهواً، فإن عليه أن يلغي هذه الركعة ويعيدها بعد فراغ الإمام من صلاته؛ القسم الرابع: ما لا تلزم فيه المتابعة، وله حالات ثلاث: الحالة الأولى: ما يطلب من المأموم. وإن لم يأت به الإمام، وذلك في أمور: منها ما هو سنة، وذلك كما في تكبيرات الصلاة، سوى تكبيرة الإحرام والتشهد. فيسن للمأموم أن يأتي بها وإن لم يأت بها الإمام، ومثلها تكبيرات العيد، فإنها يأت بها المأموم، ولو تركها الإمام؛ومنها ما هو مندوب كالتكبير في أيام التشريق عقب الصلوات المفروضة المتقدم بيانه في مباحث “العيدين” فإنه يندب أن يأتي به المأموم، فلو تركه الإمام فإنه يندب المأموم أن يأتي به؛ الحالة الثانية: ما لا تصح متابعة الإمام فيه، وذلك فيما إذا وقع من الإمام عمل غير مشروع في الصلاة من زيادة أو نقصان أو نحو ذلك، فإذا زاد في صلاته ركعة أو سجدة أو نحوهما من الأركان فإن المأموم لا يتبعه في ذلك؛ بل يسبح له، وإن زاد الإمام ذلك عمداً بطلت صلاته وصلاة المأموم طبعاً، وكذا لا يتبع المأموم إمامه إذا زاد في تكبيرات العيد على ما يراه المالكي، كما تقدم في العيد، ومثل ذلك ما إذا زاد الإمام في تكبير صلاة الجنازة على أربع، فإن المأموم لا يتبعه في هذه الزيادة، ومثل ذلك ما إذا زاد الإمام في تكبير صلاة الجنازة على أربع، فإن المأموم لا يتبعه في هذه الزيادة، ومثل ذلك ما إذا زاد الإمام ركناً في صلاته، كما إذا صلى الظهر أربع ركعات ثم سها وقام للخامسة، فإن المأموم لا يتبعه في ذلك القيام، بل يجلس ويسبح له، وإن تابعه المأموم فيها عمداً بطلت صلاته، إلا إذا تبين أن المأموم مخطئ، والإمام مصيب بعد الصلاة.

هذا وإذا ترك الإمام الجلوس الأول وهمَّ للقيام للركعة الثالثة فإذا لم يفارق الأرض بيديه وركبتيه، ورجع، فلا شيء عليه، أما إذا فارق الأرض بيديه وركبتيه ثم رجع، فإن صلاته لا تبطل على الصحيح، ويسجد بعد السلام، لأن المفروض أنه رجع قبل أن يقوم، ويقرأ الفاتحة وعلى المأموم أن يتابعه في كل ذلك، والحنفية يقولون: إذا فعل ذلك، وكان للقيام أقرب بطلت صلاته، وكذا يتبع المأموم إمامه إن سجد للتلاوة في الصلاة، فإذا ترك المأموم السجود، كما إذا كان حنفياً يرى أن سجود التلاوة يحصل ضمن الركوع، فإن المأموم يتركه أيضاً.

الحنابلة قالوا: متابعة المأموم لإمامه، هي أن لا يسبق المأموم إمامه بتكبيرة الإحرام أو السلام أو فعل من أفعال الصلاة، فإذا سبقه بتكبيرة الإحرام، فإن صلاته لم تنعقد، سواء فعل ذلك عمداً أو سهواً. ومثل ذلك ما إذا ساواه في تكبيرة الإحرام بأن كبر مع إمامه، فإن صلاته لم تنعقد، فالمقارنة في تكبيرة الإحرام مفسدة للصلاة، بخلاف غيرها من باقي الأركان، فإنها مكروهة فقط، وإذا سبق المأموم إمامه بالسلام، فإن كان ذلك عمداً بطلت صلاته، فإذا سلم قبله ولم يأت بالسلام بعده بطلت صلاته؛ هذا ما إذا سبق المأموم إمامه بتكبيرة الإحرام أو السلام. أما إذا سبقه في فعل غير ذلك؛ فلا يخلو إما أن يسبقه بالركوع، أو بالهوي للسجود، أو بالسجود أو بالقيام، ولكل منها أحكام: فإذا سبقه بالركوع عمداً بأن ركع ورفع من الركوع قبل إمامه متعمداً بطلت صلاته، أما إذا ركع قبل إمامه، وظل راكعاً حتى ركع إمامه، وشاركه في ركوعه، فإن صلاته لا تبطل إذا رجع وركع بعد ركوع إمامه، أو ركع ورفع قبل إمامه سهواً أو خطاً، فإنه يجب عليه أن يرجع ويركع ويرفع بعد إمامه، ويلغو ما فعله أولاً في الحالتين، فإن ركع ورفع وحده عمداً أو سهواً قبل الإمام، وظل واقفاً حتى فرغ الإمام من الركوع والرفع منه، ثم شاركه في الهوي للسجود بطلت صلاته.