الفقه علی المذاهب الاربعة-ج1-ص301
4 متى يجب السعي لصلاة الجمعة، ويحرم البيع؟، الأذان الثاني
يجب السعي لصلاة الجمعة على من تجب عليه الجمعة إذا نودي لها بالأذان الذين بين يدي الخطيب، ويحرم البيع في هذه الحالة لقوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر اللّه، وذروا البيع
فقد أمر اللّه تعالى بالسعي إلى الصلاة عند النداء، ولم يكن معروفاً في عهد النبي صلى اللّه عليه وسلم سوى هذا الأذان، فكان إذا صعد صلى اللّه عليه وسلم المنبر أذن المؤذن بين يديه، وقد روى ذلك البخاري، وأبو داود، والنسائي، والترمذي، وقد زاد عثمان رضي اللّه عنه نداء قبل هذا عندما كثر الناس، روي عن السائب بن يزيد، قال: كان النداء يوم الجمعة أوله إذا جلس الإمام على المنبر على عهد النبي صلى اللّه عليه وسلم، وأبي بكر، وعمر. فلما كان زمن عثمان، وكثر الناس، زاد النداء الثاني على الزوراء، وفي رواية زاد الأذان الثالث ولكن المراد به هنا الأذان، وإنما سماه ثالثاً لأن الإقامة تسمى أذاناً؛ ومما لا ريب فيه أن زيادة هذا الأذان مشروعة، لأن الغرض منه الإعلام، فلما كثر الناس كان إعلامهم بوقت الصلاة مطلوباً، وسيدنا عثمان من كبار الصحابة المجتهدين الذين عرفوا قواعد الدين ونقلوها عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم.
وقد اتفق ثلاثة من الأئمة على أنه يجب على المكلف بالجمعة أن يسعى إليها متى سمع النداء الذي بين يدي الخطيب، لأنه هو المقصود بالآية الكريمة، وخالف الحنفية فقالوا: متى سمع أذان الجمعة بعد زوال الشمس فإنه يجب عليه أن يسعى، فالأذان المعروف الآن على المئذنة ونحوها يوجب السعي إلى الصلاة، لأنه نداء مشروع، والآية عامة، فلم تخصه بالأذان الذي بين يدي الخطيب، كما يقول الثلاثة.