الفقه علی المذاهب الاربعة-ج1-ص295
تقدم في مباحث أوقات الصلاة الخمس المفروضة أن للصلوات أوقاتاً تؤدي فيها. بحيث لو تأخرت عنها كان المصلي آثماً إذا فعلها في وقت الحرمة، وفاعلاً للمكروه إذا صلاها في وقت الكراهة، ولكن اتفق ثلاثة من الأئمة على أن الصلاة تكون صحيحة متى وقعت بعد دخول وقتها، وخالف الحنفية في ثلاثة من الأئمة على أن الصلاة تكون صحيحة متى وقعت بعد دخول وقتها، وخالف الحنفية في ثلاثة أوقات، فقالوا: إن الصلاة المفروضة لا تنعقد فيها أصلاً، فانظر مذهبهم تحت الخط (الحنفية قالوا: إن الصلاة المفروضة لا تنعقد أصلاً في ثلاثة أوقات: أحدها: وقت طلوع الشمس إلى أن ترتفع، فلو شرع في صلاة الصبح قبل طلوع الشمس ثم طلعت الشمس قبل أن يفرغ من صلاته، بطلت صلاته؛ إلا إذا كان في الركعة الأخيرة وجلس بمقدار التشهد، فإنهم اختلفوا في هذه الحالة، فمنهم من قال تبطل، ومنهم من قال: لا، ثانيها: وقت توسط الشمس في كبد السماء إلى أن تزول، وقد تقدم معنى الزوال في مباحث “أوقات الصلاة، ثالثها: وقت احمرار الشمس حال غروبها إلى أن تغرب، إلا عصر اليوم نفسه، فإنه ينعقد، ويصح بعد احمرار الشمس المذكور عند غروبها مع الكراهة التحريمية، ومثل الصلوات المفروضة في هذا الحكم سجدة التلاوة ولكن عدم صحة سجدة التلاوة في هذه الأوقات مشروطة بوجوبها قبل دخول هذه الأوقات، بأ، سمعها مثلاً قبل طلوع الشمس، ثم سجد وقت طلوع الشمس، أما إذا سمع آية سجدة في وقت من هذه الأوقات، وسجد فإنه يصح، فلو سمع قارئاً يقرأ آية سجدة عند طلوع الشمس أو وقت توسط الشمس في كبد السماء، أو حال احمرار الشمس عند غروبها، وسجد فإن سجدته تصح، ولكن الأفضل تأخير السجدة إلى الوقت من هذه الأوقات ولم يصل عليها فلا يصح له أن يصلي عليها عند دخول هذه الأوقات، أما إذا حضرت وقت دخولها فإن الصلاة عليها تصح، بل يكره تأخير الصلاة إلى الوقت الذي تجوز فيه الصلاة، وهذا كله في الصلوات المفروضة)، وأما صلاة النافلة فقد اختلفت آراء المذاهب في أوقاتها المنهي عن صلاتها فيها، فانظرها تحت الخط (الحنفية قالوا: يكره التنفل تحريماً في أوقات، وهي: بعد طلوع الفجر قبل صلاة الصبح، إلا سنتها فلا تكره، وبعد صلاة الصبح حتى تطلع الشمس فلا يصلي في هذا الوقت نافلة، ولو سنة الفجر إذا فاتته، لأنها متى فاتت وحدها سقطت، ولا تعاد، كما تقدم، وبعد صلاة فرض العصر إلى غروب الشمس، وعند خروج الخطيب من خلوته للخطبة، سواء كانت خطبة جمعة أو عيد أو حج أو نكاح أو كسوف أو استسقاء، وعند إقامة المؤذن للصلاة المكتوبة، إلا سنة الفجر إذا أمن فوت الجماعة في الصبح، كما تقدم، وقبل صلاة العيد وبعدها على ما تقدم، وبين الظهر والعصر المجموعتين في عرفة جمع تقديم ولو سنة الظهر، وبين المغرب والعشاء المجموعتين في المزدلفة جمع تأخير، ولو سنة المغرب، وعند ضيق وقت المكتوبة، وإذا وقع النفل في وقت من هذه الأوقات انعقد مع الكراهة التحريميةن ويجب قطعه وأداؤه في وقت الجواز.
الحنابلة قالوا: يحرم التنفل ولا ينعقد، ولو كان له سبب في أوقات ثلاثة، وهي: أولاً: من طلوع الفجر إلى ارتفاع الشمس قدر رمح إلا ركعتي الفجر، فإنها تصح في هذا الوقت قبل صلاة الصبح، وتحرم ولا تنعقد بعده؛ ثانياً: من صلاة العصر، ولو مجموعة مع الظهر جمع تقديم، إلى تمام الغروب، إلا سنة الظهر، فإنها تجوز بعد العصر المجموعة مع الظهر؛ ثالثاً: عند توسط الشمس في كبد السماء حتى نزول، ويستثنى من ذلك كله ركعتا الطواف، فإنها تصح في هذه الأوقات مع كونها نافلة، ومثلها الصلاة المعادة. بشرط أن تقام الجماعة وهو بالمسجد، فإنه يصح أن يعيد الصلاة التي صلاها مع الجماعة، وإن وقعت نافلة، وكذا تحية المسجد إذا دخل حال خطبة الإمام وقت توسط الشمس في كبد السماء فإنها تصح، وإذا شرع في صلاة النافلة قبل دخول وقت من هذه الأوقات ثم دخل الوقت وهو فيها فإنه يحرم عليه إتمامها، وإن كان صحيحة، أما صلاة الجنازة فإنها تحرم في وقت توسط الشمس في كبد السماء إلى أن تزول، وفي وقت شروعها في الغروب إلى أن يتكامل الغربو؛ وفي وقت طلوعها إلى أن تتكامل، فيحرم فعلها في هذه الأوقات، ولا تنعقد إلا لعذر فيجوز.