پایگاه تخصصی فقه هنر

الفقه علی المذاهب الاربعة-ج1-ص289

الحنابلة قالوا: كيفية صلاة الاستسقاء مثل صلاة العيد تماماً؛ فيكبر فيها سبعاً في الركعة الأولى، وخمساً في الثانية، ويقرأ في الأولى “سبح” وفي الثانية “هل أتاك حديث الغاشية” وإن شاء قرأ “إنا أرسلنا نوحاً” في الركعة الأولى، وقرأ في الثانية ما يشاء، ثم يخطب خطبة واحدة لا خطبتين، يجلس قبلها إذا صعد المنبر جلسة الاستراحة، ثم يفتتحها بالتكبير تسعاً، كخطبة العيد، ويكثر فيها الصلاة على النبي صلى اللّه عليه وسلم ويكثر فيها الاستغفار، ويقرأ فيها “استغفروا ربكم” الآية، ويسن أن يرفع يديه وقت الدعاء حتى يرى بياض إبطيه، وهو قائل، وتكون ظهور اليدين نحو السماء، وبطونهما جهة الأرض، ويؤمن المأمومون على دعائه؛ ويرفعون أيديهم كالإمام وهم جالسون، ويصح بكل ما يراه، ولكن الأفضل الدعاء بالوارد وهو “اللّهم اسقنا غيثاً مغيثاً – منقذا من الشدة – هنيئاً – حاصل بلا مشقة، مريئاً – محمود العاقبة – مريعاً – كثير النبات – غدقاً – بفتح الدال وكسرها، ومعناه كثيراً – مجللاً – المجلل السحاب الذي يعم البلاد نفعه – سحاً – سائلاً من فوق إلى أسفل عاماً، طبقاً – بفتح الطاء والباء؛ وهو الذي طبق البلا مطره – دائماً، نافعاً غير ضار؛ عاجلاً غير آجل، اللّهم اسق عبادك وبهائمك، وانشر رحمتك، وأحي بلدك الميت. اللّهم اسقنا الغيث، ولا تجعلنا من القانطين اللّهم سقيا رحمة لا سقيا عذاب، ولا بلاء، ولا هدم؛ ولا غرق، اللّهم إن بالعباد والبلاد من اللأواء – الشدة – والجهد والضنك ما لا نشكوه إلا إليك. اللّهم أنبت لنا الزرع؛ وأدر لنا الضرع واسقنا من بركات السماء، وانزل علينا من بركاتك، اللّهم ارفع عنا الجوع والجهد والعري، واكشف عنا من البلاء ما لا يكشفه غيرك، اللّهم إنا نستغفرك إنك كنت غفاراً، فأرسل السماء ع لينا مدراراً. وإذا دعا الإمام أمن المستمعون، ويستحب أن يستقبل الإمام القبلة أثناء الخطبة ثم يحول رداءه، فيجعل ما على الأيمن على الأيسر، وما على الأيسر على الأيمن، ويفعل المأمومون مثل فعله فيحولون أرديتهم، ويتركون الرداء محولاً، حتى ينزعوه مع ثيابهم، ويدعو سراً حال استقبال القبلة لنزع الرداء فيقول: اللّهم إنك أمرتنا بدعائك ووعدتنا إجابتك، وقد دعوناك كما أمرتنا فاستجب لنا كما وعدتنا إنك لا تخلف الميعاد فإذا فرغ من ذلك الدعاء استقبلهم ثانياً وحثهم على الصدقة والخير، ويصلي على النبي صلى اللّه عليه وسلم ويدعو للمؤمنين والمؤمنات، ويقرأ ما تيسر من القرآن، ثم يقول: أستغفر اللّه لي ولكم ولجميع المسلمين، وبذلك ينتهي من خطبته، ولا يشترط لصلاة الاستسقاء أذان، كما لا يشترط الأذان لخطبتها، وينادي لها بقول: الصلاة جامعة، ويفعلها المسافر وسكان القرى؛ ويخطب بهم أحدهم.

المالكية قالوا: كيفية صلاة الاستسقاء كصلاة العيدين، إلا أنه لا يكبر فيها إلا التكبير المعتاد في الصلوات الأخرى، فلا يزيد التكبيرات المطلوبة في العيدين، وفاقاً للحنفية، وخلافاً للشافعية، والحنابلة، ويخطب فيها خطبتين، فإذا فرغ الإمام من الخطبة الثانية ندب له أن يستقبل القبلة، فيجعل ظهره للناس، ثم يقلب رداءه من خلفه، فيجعل ما على عاتقه الأيسر على عاتقه الأيمن، وبالعطس، ولا يجعل أسفل الرداء أعلاه، ولا أعلى الرداء أسفله، ويندب للرجال الذين يصلون خلفه أن يقلبوا أرديتهم وهم جلوس، بخلاف النساء، ثم يدعو الإمام برفع ما نزل بالناس ويطيل في الدعاء، ويندب الدعاء بالوارد، ومنه ما جاء في خبر الموطأ وهو: كان صلى اللّه عليه وسلم إذا استسقى قال: “اللّهم اسق عبادك وبهيمك، وانشر رحمتك، وأحي بلدك الميت”.

المالكية: متفقون مع الشافعية، والحنابلة على أنها سنة مؤكدة تلي صلاة العيد في التأكد للرجال إذا أديت جماعة ولكنها تندب لمن فاتته مع الإمام، كما تندب للصبي المميز؛ وللمرأة المسنة. أما الشابة فإنه يكره لها الخروج لصلاة الاستسقاء، وإن خيفت الفتنة بخروجها، فإنه يحرم عليها الخروج).

4 حكم صلاة الاستسقاء ووقتها

هي سنة مؤكدة عند الحاجة إلى الماء، فمتى احتاج الناس إلى الماء فإنه يسن لهم أن يصلوا صلاة الاستسقاء بالكيفية التي ذكرناها، ومتى صلوها على أي كيفية من الكيفيات التي ذكرناها في المذاهب المتقدمة فإنها تجزئ، ولا يلزم أن تصلي على مذهب خاص، لأن تكبيرات الزوائد نقلوا عن بعض أئمتهم أن يكبر فيها كصلاة العيدين، وهكذا؛ ولذا ذكرنا كيفيتها عند كل مذهب على حدة، ليسهل على الناس معرفتها كاملة بدون خلط، أما كونها سنة مؤكدة فقد اتفقت عليه المذاهب ما عدا الحنفية، فانظر مذهبهم تحت الخط (الحنفية قالوا: الصحيح أنها مندوبة؛ نعم قد ثبت طلبها بالكتاب والسنة، ولكن الثابت بهما هو الاستغفار، والحمد للّه، والثناء عليه، والدعاء، أما الصلاة فإنها لم ترد فيها أحاديث صحيحة، على أنه لا خلاف عندهم في أنها مشروعة للمنفرد بدون جماعة، لأنها نفل مطلق، أما ما ورد في الكتاب الكريم فهو قوله تعالى: فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفاراً، يرسل السماء عليكم مدراراً