الفقه علی المذاهب الاربعة-ج1-ص190
فإن المراد القراءة في الصلاة. لأنها هي المكلف بها، ولما روي في “الصحيحن” من قوله صلى اللّه عليه وسلم: “إذا قمت إلى الصلاة فأسبغ الوضوء. ثم استقبل القبلة ثم اقرأ ما تيسر من القرآن”. ولقوله صلى اللّه عليه وسلم “لا صلة الا بقراءة” والقراءة فرض في ركعتين من الصلاة المفروضة. ويجب أن تكون في الركعتين الأوليين، كما تجب قراءة الفاتحة فيهما بخصوصها. فإن لم يقرأ في الركعتين الأوليين في الصلاة الرباعية فرأ فيما بعدهما وصحت صلاته. الا أنه يكون قد ترك الواجب. فإنه تركه ساهياً يجب عليه أن يسجد للسهو؛ فإن لم يسجد وجبت عليه إعادة الصلاة. كما تجب الإعادة إن ترك الواجب عامداً. فإن لم يفعل كانت صلاته صحيحة، مع الإثم. أما باقي ركعات الفرض. فإن قراءة الفاتحة فيه سنة. وأما النفل فإن قراءة الفاتحة واجبة في جميع ركعاته. لأن كل اثنتين منه صلاة مستقلة. ولو وصلهما بغيرهما. كأن صلى أربعاً بتسليمة واحدة؛ وألحقوا الوتر بالنفل، فتجب القراءة في جميع ركعاته. وقّدروا القراءة المفروضة بثلاث آيات قصار. أو آية طويلة تعديلها. وهذا هو الأحوط)، أما دليل من قال: إنها فرض فهو ما روي في “الصحيحين” من أن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال: “لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب”: وأما الجواب عن الثالث. وهو هل تفترض قراءة الفاتحة على المأموم؟ فإنه فيه تفصيلاً في المذاهب بيناه تحت الخط (الشافعية قالوا: يفترض على المأموم قراءة الفاتحة خلف الإمام. الا إن كان مسبوقاً بجميع الفاتحة أو بعضها. فإن الإمام يتحمل عنه ما سبق به إن كان الإمام أهلاً للتحمل. بأن لم يظهر أنه محدث أو أنه أدركه في ركعة زائدة عن الفرض.
الحنفية قالوا: إن قراءة المأموم خلف إمامه مكروهة تجريماً في السرية والجهرية، لما روي من قوله صلى اللّه عليه وسلم: “من كان له إمام فقراءة الإمام له قراءة” وهذا الحديث روي من عدة طرق.
هذا، وقد نفل منع المأموم من القراءة عن ثمانين نفراً من كبار الصحابة، منهم المرتضى والعبادلة. وروي عن عدة من الصحابة أن قراءة المأموم خلف إمامه مفسدة للصلاة، وهذا ليس بصحيح، فأقوى الأقوال وأحوطها القول بكراهة التحريم.
المالكية قالوا: القراءة خلف الإمام مندوبة في السرية، مكروهة في الجهرية، الا إذا قصد مراعاة الخلاف، فيندب.
الحنابلة قالوا: القراءة خلف الإمام مستحبة في الصلاة السرية، وفي سكتات الإمام في الصلاة الجهرية، وتكره حال قارءة الإمام في الصلاة الجهرية)، وأما الجواب عن الرابع. وهو ما حكم العاجز عن قراءة الفاتحة؟ فقد اتفق الشافعية، والحنابلة على أن من عجز عن قراءة الفاتحة في الصلاة، فإن كان يقدر على أن يأتي بآيات من القرآن بقدر الفاتحة في عدد الحروف والآيات، فإنه يجب عليه أن يأتي بذلك. فإن كان يحفظ آية واحدة أو أكثر فإنه يفترض عليه أن يكرر ما يحفظه بقدر آيات الفاتحة. بحيث يتعلم القدر المطلوب منه تكراره. فإن عجز عن الإتيان بشيء من القرآن بالمرة فإنه يجب عليه أن يأتي بذكر اللّه كأن يقول: اللّه اللّه… مثلاً. بمقدار الفاتحة. فإن عجز عن الذكر أيضاً فإنه يجب عليه أن يقف ساكتاً بقدر الزمن الذي تقرأ فيه الفاتحة، فإن لم يفعل ذلك بطلت صلاته في هذين المذهبين: على أنه لا يجوز عندهم قراءة الفاتحة بغير اللغة العربية على كل حال. ومن لم يفعل ذلك فإن صلاته تبطل. أما المالكية والحنفية؛ فانظر مذهبيهما تحت الخط (الحنفية قالوا: من عجز عن العربية يقرأ بغيرها من اللغات الأخرى، وصلاته صحيحة.