پایگاه تخصصی فقه هنر

الفقه علی المذاهب الاربعة-ج1-ص147

للصلاة شروط تتوقف عليها صحتها، فلا تصح الا بها، وشروط يتوقف عليها وجوبها. فلا تجب الا بها، وقداختلفت اصطلاحات المذاهب في بيان هذه الشروط وعددها، فلذا ذكرناها لك مفصلة تحت الخط الذي أمامك (المالكية قالوا: تنقسم شروط الصلاة إلى ثلاثة أقسام: شروط وجوب فقطن وشروط صحة فقط، وشروط وجوب وصحة معاً، فأما القسم الأول، وهو شروط الوجوب فقط فهو أمران، أحدهما: البلوغ، فلا تجب على الصبي، ولكن يؤمر بها لسبع سنين؛ ويضرب عليها لعشر ضرباً خفيفاً ليتعود عليها؛ فإن التكاليف الشرعية، وإن كانت كلها مبنية على جلب المصالح ودرء المفاسد، وأن العقلاء لا يجدون حرجاً في القيام بها بعد التكليف، ولكن العادة لها حكمها؛ فقد يعلم الإنسان من فوائد الصلاة المادية والأدبية ما فيه الكفاية في حمله على أدائها، ولكن عدم تعوده على فعلها يقعد به من القيام بأدائها، ثانيهما: عدم الإكراه على تركها، كأن يأمره ظالم بترك الصلاة، وإن لم يتركها سجنه، أو ضربه، أو قتله، أو وضع القيد في يده، أو صفعه على وجهه بملأ من الناس إذا كان هذا ينقص قدره، فمن ترك الصلاة مكرهاً فلا إثم عليه، بل لا تجب عليه ما دام مكرهاً، لأن المكره غير مكلف، كما قال صلى اللّه عليه وسلم: “رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه” والذي لا يجب على المكره عندهم إنما هو فعلها بهيئتها الظاهرة، وإلا فمتى تمكن من الطهارة وجب عليه فعل ما يقدر عليه، من نية، وإحرام وقراءة، وإيماء فهو كالمريض العاجز يجب عليه فعل ما يقدر عليه، ويسقط عنه ما عجز عن فعله.

وأما القسم الثاني، وهو شرط الصحة فقط، فهو خمسة: الطهارة من الحدث، والطهارة من الخبث، والإسلام، واستقبال القبلة، وستر العورة.

وأما القسم الثالث وهو شروط الوجوب والصحة معاً، فهو ستة: بلوغ النبي صلى اللّه عليه وسلم، فمن لم تبلغة الدعوة لا تجب عليه الصلاة ولا تصح منه إذا فرض وصلى، والعقل؛ ودخول وقت الصلاة، وأن لا يفقد الطهورين؛ بحيث لا يجد ماء، ولا شيئاً يتيمم به، وعدم النوم والغفلة، والخلو من دم الحيض والنفاس. ويعلم من هذا أن المالكية زادوا في شروط الصحة: الإسلام، ولم يجعلوه من شروط الوجوب، فالكفار تجب عليهم الصلاة عندهم؛ ولكن لا تصح الا بالإسلام، خلافاً لغيرهم، فإنه عدوه في شروط الوجوب، وعدوا الطهارة شرطين. وهما طهارة الحدث، وطهارة الخبث؛ وزادوا في شروط الوجوب عدم الإكراه على تركها.