پایگاه تخصصی فقه هنر

الفقه علی المذاهب الاربعة-ج1-ص143

أي فرضاً محدوداً بأوقات لا يجوز الخروج عنها، وقال عليه الصلاة والسلام: “خمس صلوات كتبهّن اللّه على العباد؛ فمن جاء بهن، ولم يضيع منهن شيئاً استخفافاً بحقهن، كان له عند اللّه عهد أن يدخله الجنة” وقد وردت أحاديث كثيرة في تعظيم شأن الصلاة، والحث على أدائها في أوقاتها: والنهي عن الاستهانة بأمرها والتكاسل عن إقامتها؛ فمن ذلك قوله صلى اللّه عليه وسلم: “مثل الصلوات الخمس، كمثل نهر عذب غمر، بباب أحدكم يقتحم فيه كل يوم خمس مرات، فما ترون ذلك يبقى من درنه؟ قالوا: لا شيء، قال صلى اللّه عليه وسلم: “فإن الصلوات الخمس تذهب الذنوب كما يذهب الماء الدرن” ومعنى ذلك أن الصلوات الخمس تطهر النفوس؛ وتنظفها من الذنوب والآثام، كما أن الاغتسال بالماء النقي خمس مرات في اليوم يطهر الأجسام وينظفها من جميع الأقذار.

وسئل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أي الأعمال أفضل: قال: “الصلاة لمواقيتها” فالصلاة هي أفضل أعمال الإسلام، وأجلها قدراً، وأعظمها شأناً؛ وكفى بذلك حثاً على أدائها في أوقاتها.

أما ترهيب تاركها وتخويفه؛ فيكفي فيه قول رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: “لا سهم في الإسلام لمن لا صلاة له” وقوله: “بين الرجل وبين الكفر ترك الصلاة” وفي هذا الحديث زجر شديد للمسلم الذي يتسلط عليه الكسل فيحمله على ترك الصلاة التي يمتاز بها عن الكافر، حتى قال بعض أئمة المالكية: إن تارك الصلاة عمداً كافر وعلى كل حال فقد أجتمعوا على أنها ركن من أركان الإسلام، فمن تركها فقد هدم ركناً من أقوى أركانه. وينبغي أن يعرف الناس أن الغرض الحقيقي من الصلاة إنما هو غشعار القلب بعظمة الإله الخالق حتى يكون منه على وجل فيأتمر بأمره، وينتهي عما نهاه عنه، وفي ذلك الخير كله للنوع الإنساني، لأن من يفعل الصالحات ويجتنب السيئات لا يصدر عنه للناس الا المنفعة والخير، أما الذين يأتي بالصلاة وقلبه غافل عن ربه، مشغول بشهواته النفسانية، وملاذه الجسمانية، فإن صلاته، وإن أسقطت عنه الفرض عند بعض الأئمة، ولكنها في الحقيقة لم تثمر الثمرة المطلوبة منها، إنما الصلاة الكاملة هي التي قال اللّه في شأنها: قد أفلح المؤمنون، الذين هم في صلاتها خاشعون

.

فالغرض الحقيقي من الصلاة، إنما هو تعظيم الإله فاطر السموات والأرض بالخشوع له والخضوع لعظمته الخالدة، وعزته الأبدية، فلا يكون المرء مصلياً لربه حقاً الا إذا كان قلبه حاضراً مملوءاً بخشية اللّه وحده، فلا يغيب عن مناجاته بالوساوس الكاذبة أو الخواطر الضارة، ومن ي قف بين يدي خالقه وقلبه على هذه الحالة ذليلاً خاشعاً، خائفاً وجلاً من جلال ذلك الخالق القادر القاهر، ذي السطوة التي لا تحدّ، والمشيئة التي لا تردّ، فإنه بذلك يكون تائباً من ذنبه، منيباً إلى ربه، وتصلح أعماله الظاهرة والباطنة، وتقوى علاقته بربه، ويستقيم مع عبادته تعالى، ويقف عند حدود الدين، وينتهي عما نهاه عنه رب العالمين. كما قال: إن الصلاة تنهي عن الفحشاء والمنكر

وبذلك يكون من المسلمين حقاً.