پایگاه تخصصی فقه هنر

الفقه علی المذاهب الاربعة-ج1-ص116

قد عرفت أن الخف يطلق على ما كان متخذاً من الجلد، أو من الصوف، أو غيره متى تحققت فيه الأمور الثلاثة التي ذكرناها، فكل ما يصح إطلاق اسم الخف عليه يصح المسح عليه بدل غسل الكعب، بشروط أحدها: أن يكون الخف ساتراً للقدم مع الكعبين، أما ما فوق الكعبين من الرجل فإنه لا يلزم ستره وتغطيته بالخف، ولا يلزم أن يكون الخف مصنوعاً على حالة يلزم منها تغطية القدم، بل يصح أن يكون مفتوحاً من أعلاه مثلاً؛ ولكنه ينطبق بالأزرار، أو المشابك، أو نحو ذلك فالشرط المطلوب فيه هو أن يغطي القدم، سواء كان مضموماً من أول الأمر، أو كان بعضه مفتوحاً، ولكن به أزرار، أو مشابك ينضم بها بعد لبسه، فإنه يصح؛ ثانيها أن لا ينقص ستر الخف للكعبين، ولو قليلاً، فلو كان به خروق يظهر منها بعض القدم، فإنه لا يصح المسح عليه، وذلك لأنه يجب غسل جميع القدم مع الكعبين، بحيث لو نقص منها في الغسل جزء يسير بطل الوضوء، فكذلك الخف الذي يسترهما، فإنه إذا نقص منه شيء، فلا يقوم مقام القدم، وهذا رأي الحنابلة، والشافعية (الحنفية قالوا: إذا لم يستر الخف جميع القدم مع الكعبين. كأن كانت بالخف الواحد خروق يظهر منها بعض القدم، فإن كانت تلك الخروق مقدار ثلاث أصابع من أصغر أصابع الرجل، فإن ذلك لا يضر، فيصح المسح عليه مع هذه الخروق، وإن كانت أكثر من ذلك فإنها تضر، وتمنع صحة المسح، فإن كانت الخروق متفرقة في الخفين فإنه لا يجمع منها إلا ما كان في الخف الواحد، فإذا كان ما في الخف الواحد يساوي القدر المذكور، بطل المسح. أما إذا كان أقل، فإنه لا يضر، حتى ولو كان في الخف الآخر خروق قليلة، لو جمعت مع الخروق الأخرى تبلغ هذا المقدار.

المالكية قالوا: إن كان بالخف الواحد خروق قدر ثلث القدم، فأكثر، فإنه لا يصح المسح عليه، وإلا صح، فالحنفية، والمالكية متفقون على أن الخف إذا كان به خروق يظهر منها لا تضر، ولكنهم مختلفون في تقدير هذه الخروق، فالمالكية يغتفرون منها ما يساوي ثلث القدم؛ والحنفية يغتفرون ما يساوي منها ثلاث أصابع من أصغر أصابع الرجل، وهو الخنصر)؛ ثالثها: أن يمكن تتابع المشي فيه؛ وقطع المسافة به، أما كونه واسع يبين فيه ظاهر القدم كله أو معظمه، فإنه لا يضر، متى أمكن تتابع المشي فيه “حنفي شافعي” (المالكية قالوا: إذا كان الخف واسعاً يبين منه بعض القدم، أو كله، فإنه لا يضر، إنما الذي يضر أن لا يستقر فيه القدم كله، أو معظمه، بحيث يكون واسعاً كثيراً لا يملؤه القدم، فإذا كان كذلك فإنه لا يصح المسح عليه، ولو أمكن تتابع المشي فيه.

الحنابلة قالوا: إذا كان الخف واسعاً يرى من أعلاه بعض القدم الذي يفترض غسله في الوضوء، فإن المسح عليه لا يصح)؛ رابعها: أن يكون الخف مملوكاً بصفة شرعية، أما إذا كان مسروقاً، أو مغصوباً، أو مملوكاً بشبهة محرمة، فإنه لا يصح المسح عليه، وهذا رأي الحنابلة، والمالكية (الحنفية، والشافعية – قالوا: يصح المسح على الخف المغصوب والمسروق ونحوهما، وإن كان يحرم لبسه، لأن تحريم لبسه وملكيته لا ينافي صحة المسح عليه، ونظير الماء المغصوب، أو المسروق؛ فإنه يصح الوضوء به متى كان طهوراً، مع كون فاعل ذلك آثماً، ولا يخفى أن الذين يقولون بعدم صحة استعمال المسروق والمغصوب ونحوهما في العبادات التي يراد بها التقرب إلى اللّه تعالى لهم وجه ظاهر)؛ خامسها: أن يكون طاهراً فلو لبس خفاً نجساً، فإنه لا يصح المسح عليه ولو أصابت النجاسة جزءاً منه، على أن في ذلك تفصيل في المذاهب

(المالكية قالوا: لا يصح المسح على الخفين، إلا إذا كانا طاهرين، فلو أصابت الخف نجاسة بطل المسح عليه حتى على القول بأن إزالة النجاسة عن الثوب، أو البدن سنة، فإن الخف له حكم خاص به. فلا يعفى عما أصابه من النجاسة على كل حال.

الشافعية قالوا: إذا أصابت الخف نجاسة معفو عنها؛ فإنها لا تضر؛ وقد تقدم بيان النجاسة المعفو عنها فيما يعفى عنه من النجاسة؛ أما إذا أصابته نجاسة غير معفو عنها، فإن المسح عليه لا يصح قبل تطهيره.