الفقه علی المذاهب الاربعة-ج1-ص109
أقل مدة الطهر خمسة عشر يوماً، فلو حاضت المرأة (الحنابلة قالوا: إن أقل مدة الطهر بين الحيضيتين هي ثلاثة عشر يوما)، ثم انقطع حيضها، بعد ثلاثة أيام مثلاً، واستمر منقطعاً إلى أربعة عشر يوماً، أو أقل، ثم رأت الدم، لا يكون حيضاً، سواء كان الطهر واقعاً بين دمي حيض؛ بأن حاضت المرأة، ثم انقطع حيضها، ثم حاضت بعد مضي المدة المذكورة، أو كان واقعاً بين دمي حيض ونفاس، بأن كانت المرأة نفساء، ثم انقطع دم نفاسها، ثم حاضت بعض مضي هذه المدة (الشافعية قالوا: إن مدة الطهر خمسة عشر يوماً، كما يقول الحنفية، والمالكية، إلا أنهم اشترطوا أن يكون الطهر واقعاً بين دمي حيض، أما إذا كان واقعاً بين دمي حيض ونفاس، فإنه لا حد لأقله، بحيث لو انقطع نفاسها ولو يوماً، ثم رأت الدم فإنه يكون دم حيض)، أما أكثر مدة الطهر فلا حد لها، فلو انقطع دم الحيض. وبقيت المرأة خالية من الحيض طول عمرها، فإنها تعد طاهرة، وإذا رأت المرأة يوماً دماً، ثم انقطع ورأت يوماً دماً أيضاً، فإنها تعتبر حائضاً في المدة التي انقطع فيها الدم عند الشافعية، والحنفية (المالكية قالوا: إذا رأت المرأة الدم، ولو لحظة، ثم انقطع فإنها تعتبر طاهرة، إلى أن ترى الدم ثانياً، وعليها في النقطاع دمها أن تفعل ما يفعله الطاهرات.
الحنابلة: وافقوا المالكية على أن الطهر الواقع بين دمين يعتبر طهراً، إلا أنك قد عرفت أن أقل مدة الحيض عندهم يوم وليلة، فلو رأت الدم يوماً فقط، أو أقل، فإنها لا تعتبر حائضاً).
4 مبحث الاستحاضة
الاستحاضة هي سيلان الدم في غير وقت الحيض والنفاس من الرحم، فكل ما زاد على أكثر مدة الحيض، أو نقص عن أقله، أو سال قبل سن الحيض المتقدم ذكره في “التعريف” فهو استحاضة (الشافعية قالوا: إن المستحاضة المبتدأة إذا ميزت الدم، بحيث عرفت القوي من الضعيف، فإن حيضها هو الدم القوي، بشرط أن لا ينقص عن أقل الحيض، ولا يزيد على أكثره والضعيف طهر، بشرط أن لا ينقص عن أقل الطهر، وأن يكون نزوله متتابعاً، فلو رأت الدم يوماً أحمر، ويوماً أسود، فقد فقدت شرطاً من شروط التمييز، فإن اختل الشرط في الأمرين يكون حيضها يوماً وليلة، وباقي الشهر طهر، كما لو كانت مبتدأة لا تميز بين قوي الدم وضعيفه، أما المعتادة فإن كانت مميزة، فحيضها الدم القوي عملاً بالتميز لا بالعادة المخالفة، وإن لم تكن مميزة، وتعلم عادتها قدراً ووقتاً، فترد إلى عادتها في ذلك.
الحنابلة قالوا: إن المستحاضة إما أن تكون معتادة أو مبتدأة؛ فالمعتادة تعمل بعادتها ولو كانت مميزة، والمبتدأة إما أن تكون مميزة أولا ، فإن كانت مميزة عملت بتميزها إن صلح الأقوى أن يكون حيضاً، بأن لم ينقص عن يوم وليلة، ولم يزد على خمسة عشر يوماً، وإن كانت غير مميزة قدّر حيضها بيوم وليلة، وتغتسل بعد ذلك، وتفعل ما يفعله الطاهرات، وهذا في الشهر الأول والثاني والثالث، أما في الشهر الرابع، فتنتقل إلى غالب الحيض، وهو ستة أيام أو سبعة، باجتهادها وتحريها.
المالكية قالوا: إن المستحاضة إن عرفت أن الدم النازل هو دم الحيض بأن ميزته بريح أو لون أو ثخن أو تألم، فهو حيض، بشرط أن يتقدمه أقل الطهر، وهو خمسة عشر يوماً، فإن لم تميز، أو ميزت قبل تمام أقل الطهر فهي مستحاضة، أي باقية على أنها طاهرة، ولو مكثت على ذلك طول حياتها، وتعتد عدة المرتابة بسنة بيضاء، ولا تزيد المميزة ثلاثة أيام على عادتها استظهاراً، بل تقتصر على عادتها، ما لم يستمر ما ميزته بصفة الحيض، فإن استمر استظهرت.