الفقه علی المذاهب الاربعة-ج1-ص83
تاسعاً: يندب الاستنجاء بيده اليسرى، لأن اليمنى في الغالب هي المستعملة في تناول الطعام ونحوه، كما يندب بلَّ أصابع اليسرى قبل ملاقاة الأذى. لئلا يشتد تعلق النجاسة بها، وكذا يندب غسل يده اليسرى بعد الفراغ من قضاء الحاجة بشيء منظف، ويندب الاسترخاء قليلاً عند الاستنجاء. كي يتمكن من إزالة النجاسة (الشافعية قالوا: يجب الاسترخاء، كي يتمكن المستنجي من تنظيف الخارج.
الحنفية قالوا: إنما يندب الاسترخاء إذا لم يكن صائماً، محافظة على الصوم، لأنه يبطل بالمبالغة في إدخال الماء، كما سيأتي في بابه).
4 شروط صحة الاستنجاء والاستجمار بالماء، والأحجار، ونحوها
فأما الماء الذي يصح به الاستنجاء، فإنه يشترط فيه شرطان: أحدهما: أن يكون طهوراً، فلا يصح الاستنجاء بالماء الطاهر فقط، كما لا تصح إزالة النجاسة به (الحنفية قالوا: إن الاستنجاء بالماء الطهور لا يجب، بل يكفي الاستنجاء بالماء الطاهر وقد عرفت الفرق بين الماء الطاهر، والماء الطهور بما ذكرناه لك مفصلاً في “مباحث المياه” الاستنجاء بالماء الطهور الأفضل، للاتفاق على صحة إزالة النجاسة به والتمسك بالمتفق عليه أفضل عند الحنفية) ثانيهما: أن يكون الماء مزيلاً للنجاسة. فإذا كان معه ماء قليل لا يزيل النجاسة عن المحل، بحيث يعود كما كان قبل النجاسة فإنه لا يستعمل الماء في هذه الحالة، وهل يقدم الإنسان غسل قبله أو دبره؟ في ذلك تفصيل في المذاهب
(المالكية قالوا: يندب تقديم قُبُله في إزالة النجاسة، إلا إذا كان من عادته أن يتقاطر بوله إذا مس دبره بالماء، فحينئذ لا يندب له تقديم القبل.
الحنفية: لهم قولان في ذلك، والمفتي به قول الإمام، وهو تقديم غسل الدبر، لأن نجاسته أقذر من البول، ولأنه بواسطة الدلك في الدبر وما حوله يقطر البول، فلا يكون لتقديم غسل لقبل فائدة.
الشافعية قالوا: يندب لمن يستنجى بالماء أن يقدم غسل القبل على الدبر، وأما إذا استجمر بالأحجار، فإنه يندب له تقديم الدبر على القبل.
الحنابلة قالوا: يسن لمن أراد الاستنجاء أو الاستجمار أن يبدأ بالقبل، إذا كان ذكراً، أو أنثى، بكراً، وتخير الأنثى الثيب في تقديم أيهما).
وأما الأحجار ونحوها، فإنها تقوم مقام الماء، ولو كان موجوداً، إنما الأفضل استعمال الماء: وأفضل من ذلك أن يجمع بين الماء والحجر؛ على أن فيما يصح الاستجمار به من غير الماء تفصيل المذاهب