پایگاه تخصصی فقه هنر

الفقه علی المذاهب الاربعة-ج1-ص60

هذا كله إذا لم يكن على يده نجاسة محققة، فإن كانت على يده نجاسة، ووضعها في الماء فإنه يتنجس، سواء نوى الاغتراف، أو لم ينو، فإن عجز عن أخذ الماء من الإناء بكوز، أو بمنديل طاهر أو نحوهما، فإنه يمكنه أن يأخذه بفمه، ويغسل النجاسة، فإن عجز، ولم يجد غيره، تركه وتيمم، ولا إعادة عليه، ومنها المضمضة، والاستنشاق، وهما سنتان مؤكدتان عند الحنفية، بمعنى الواجب، فتركهما إثم، ولا يلزم أن يأخذ لكل مرة ماء، بل إذا أخذ الماء بكفه، فتمضمض ببعضه، واستنشق بالباقي، فإنه لا يجوز، أما إذا وضع الماء في كفه، ثم استنشق به، وأعاده ثانياً إلى كفه، وتمضمض به بعد ذلك، فإنه لا يجوز، ثم إن المضمضة هي عبارة عن أن يغسل جميع فمه بالماء؛ ويكفي وضع الماء في فمه بدون تحريك، ولو وضع الماء في فمه ولم يطرحه، بل شربه، فإنه يجزئه في السنة، بشرط أن يملأ الفم ثلاث مرات، أما إذا امتص الماء مصاً، فإنه لا يجزئه، وأما الاستنشاق فهو جذب الماء بنفسه إلى داخل أنفه، بحيث يصل الماء إلى مارن الأنف، وهو نهاية العظمة اللينة، أما ما فوق ذلك فإنه لا يسن إيصال الماء إليه، كما لا يسن جذب الماء إلى الداخل بالتنفس، وتسن المبالغة في المضمضة، والاستنشاق لغير الصائم، وتكره له، كي لا يفسد صومه، وقد عرفت أن السنة أن تكون المضمضة ثلاثاً، والاستنشاق ثلاثاً، وكيفية الاستنشاق أن يضع الماء في أنفه بيده اليمنى، ويتمخط بيده اليسرى، ويعبر المالكية عن هذه الحالة بالاستنشاق، ويعدونه من السنن المؤكدة، كما ستعرفه عندهم، ومنها تخليل أصابع اليدين والرجلين والتخليل عبارة عن إدخال بعض الأصابع في بعض بماء متقاطر، وهو سنة مؤكدة، بلا خلاف ومحل كونه سنة إذا وصل الماء إلى داخلها، وهي مضمومة، وإلا كان تخليليها واجباً وكيفية التخليل في اليدين أن يشبك أصابعه ببعضها، وفي الرجلين أن يخلل بخنصر يده اليسرى خنصر رجله اليمنى، وهكذا حتى يختم بخنصر رجله اليسرى، وهذه الكيفية هي الأولى، وله أن يخللها بأي كيفية، ومنها تكرار الغسل ثلاث مرات، فغسل العضو وتعميمه كله بالماء مرة واحدة فرض والغسلة الثانية، والغسلة الثالثة سنتان مؤكدتان على الصحيح، ويشترط في الغسلة الأولى المفروضة أن يسيل الماء على العضو، ويتقاطر منه قطرات، فلو غسل العضو مرة، ولم يعمه الماء كله، ثم غسله بالماء ثانية، وثالثة حتى عمه الماء بالغسلة الثالثة، فإنه يسقط عنه الفرض، ولا يكون آتياً بالسنة، ومن السنن المؤكدة مسح جميع الرأس، فلو اقتصر على مسح الجزء المفروض مسحه، وتكرر ذلك منه، فإنه يأثم وكيفية مسح الرأس أن يضع أصابعه على مقدم رأسه، ثم يمر بهما على جميع رأسه إلى قفاه – بحيث يستوعب كل الرأس، ثم إن بقي بيده بلل، فإنه يسن له أن يسرد مسح الرأس، وإلا فلا، كما يقول المالكية، ومنها مسح الأذنين، وكيفيته أن يمسح باطن الأذنين، ومؤخرهما بالماء الذي يمسح به رأسه، وإذا أخذ لهما ماء جديداً كان حسناً، ورجع بعض الحنفية مسحهما بماء جديد، ومحل هذا ما إذا بقي على كفه ماء بعد مسح الرأس، أما إذا جف الماء، فإنه ينبغي أن يأخذ لها ماء جديداً، ويمسح ظاهر الأذنين بباطن الإبهامين، ويمسح باطن الأذنين بالسبابتين، وهما الإصبعان اللذان يقعان بعد الإبهامين، ومنها النية، وكيفيتها أن ينوي في نفسه رفع الحدث، أو ينوي الوضوء، أو ينوي الطهارة، أو ينوي استباحة الصلاة، والأفضل أن يقول: نويت أن أتوضأ للصلاة تقرباً إلى اللّه تعالى، أو يقول: نويت رفع الحدث، أو نويت الطهارة، أو نويت استباحة الصلاة والتلفظ بذلك مستحب، لما عرفت من أن محل النية إنما هو القلب، وأما وقت النية فهو عند غسل الوجه.

وهذا، وقد عد بعض الحنفية النية من المستحبات لا من السنن المؤكدة، ولكن الصحيح أنها سنة، ومنها الترتيب، وهو أن يبدأ الفرائض بغسل الوجه، ثم يغسل اليدين إلى المرفقين ثم بمسح ربع الرأس، ثم بغسل الرجلين إلى الكعبين. كما ذرك اللّه تعالى في قوله: فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق، وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم إلى الكعبين

والترتيب من السنن المؤكدة على الصحيح، وعدّه بعض الحنفية من المستحبات، ومنها الفور. ويعبر عنه بالموالات، وهي التتابع، وحد الفور هو أن لا يجف الماء عن العضو قبل أن يغسل العضو الذي بعده، بشرط أن لا يكون الزمن معتدلاً، فإن كان شديد الحرارة، أو شديد البرودة. فإنه لا يعتبر جفافه بسرعة على أن محل كون الفور سنة إذا لم يكن هناك عذر، فإن فرغ ماء الوضوء بعد غسل الوجه مثلاً، ثم انتظر الماء، فجف الماء من عليه قبل أن يجيء الماء، فلا بأس بذلك، وقد عرفت حكم الفور في فرائض الوضوء، عند المالكية، وغيرهم ومن السنن المؤكدة السواك، ولا يشترط أن يكون من شجر الأراك المعروف، بل الأفضل أن يكون أشجار مرة، لأنه يساعد على تطييب الفم، وله فوائد معروفة، فهو يقوي اللثة، وينظف الأسنان، ويقوي المعدة، كي لا يصل إليها شيء من أدران الفم، والأفضل أن يكون رطباً، وأن يكون في غلظ الخنصر، وطول الشبر، فإذا لم يجد سواكاً فإنه – الفرشة – تقوم مقامه، وإذا لم يجدها استاك بإصبعه، ويقوم مقام السواك العلك – اللبان – فإذا وجد السواك؛ فيندب أن يمسكه بيمينه، ويجعل الخنصر أسفله، والإبهام أسفل رأس السواك، وباقي الأصابع فوقه، ووقت الاستياك هو وقت المضمضة، وإذا كان لا يطيقه؛ فإنه يتركه للضرورة؛ ويكره أن يستاك وهو مضطجع.