الفقه علی المذاهب الاربعة-ج1-ص48
النوم والغفلة، لأن النائم غير مكلف حال نومه، رحمة به، وكذلك
الغافل، فإذا فرض ووقع الوضوء منهما وقع باطلاً، وقد يظن بعضهم أن
المراد بالنائم المتمدد بجسده على سريره، أو على غيره؛ فإن هذا لا
يتصور منه وقوع الوضوء، ولكن هذا ليس المراد وإنما المراد بالنائم
من يقوم ويتحرك، بل ويخرج من داره وهو نائم، فإن مثل هذا يصح أن
يتوضأ، وهو نائم، ولا يشعر، وقد رأيت جيراناً لي بهذه الحالة، ومنها
الإسلام (المالكية قالوا: الإسلام شرط صحة فقط، فالكفار عندهم
مخاطبون بفروع الشريعة فتجب عليهم العبادات، ويعاقبون على تركها،
ولا تصح منهم إلا بعد الإسلام، وإنما لا تصح منهم حال الكفر، لأن
العبادات جميعها متوقفة على النية عندهم، وستعرف قريباً أن من شروط
صحة النية الإسلام.
الحنفية قالوا: إن الإسلام من شروط الوجوب فقط، لا من شروط
الوجوب والصحة معاً، عكس المالكية، فالكافر غير مخاطب بفروغ
الشريعة عندهم، وإنما لم يعدوه من شرائط الصحة. لأن الوضوء عندهم
لا يتوقف على نية، لأن النية ليست من فرائضه، كما ستعرفه بخلاف
التيمم، فإنه لا يصح من الكافر، لتوقفه على النية، لأنها فرض في التيمم،
كما يأتي)، فهو شرط في وجوب الوضوء. بمعنى أن غير المسلم لا
يطالب بالوضوء. وهو كافر، ولكنه حال كفره مخاطب بالصلاة
وبوسائلها، بحيث يعاقب على ترك الوضوء، ولا يصح منه إذا توضأ،
ومنها بلوغ (الحنفية قالوا: بلوغ الدعوة ليس شرطاً في صحة الوضوء،
بحيث لو توضأ قبل بلوغ الدعوة، ثم بلغته، وهو متوضئ، فإن وضوءه
يكون صحيحاً، وإنما لم يعدوا بلوغ الدعوة شرطاً في الوجوب، اكتفاء
بالإسلام، لأن الإسلام لا يتحقق إلا بعد بلوغ الدعوة، وبذلك تعلم أن
الذين اعتبروا الإسلام شرط وجوب وصحة معاً في الوضوء، إنما هم
الشافعية، والحنابلة) دعوة النبي سيدنا محمد بن عبد اللّه صلى اللّه عليه
وسلم، بأن يعلم أن اللّه سبحانه قد أرسله رسولاً إلى كافة الناس، كي
يدعوهم إلى توحيده، ووصفه بصفات الكمال، ويأمرهم بعبادته سبحانه
على وجه خاص، فمن لم تبلغه هذه الدعوة فإنه لا يجب عليه شيء من
ذلك، فالوضوء لا يجب على من لم تبلغه هذه الدعوة، ولا يصح منه
بحيث لو فرض وتوضأ قبل بلوغه الدعوة بساعة، ثم بلغته الدعوة، فإن
وضوءه لا يصح، وقد زاد بعض المذاهب شروطاً أخرى مذكورة في
هامش الصحيفة (الشافعية: زادوا على ما ذكر في شروط الصحة ثلاثة
أمور: الأول: أن يكون عالماً. يكيفية الوضوء، بمعنى أن يعرف أن
الوضوء هو غسل الوجه، وغسل الذراعين إلى المرفقي، إلى آخر ما
يأتي بيانه، فإذا غسل وجهه ويديه، الخ، وهو لم يعرف أن هذا هو