الفقه علی المذاهب الاربعة-ج1-ص33
خالط شيء منه الماء، فإن الماء يصير طاهراً غير طهور، بظهور
وصف واحد منه فقط، مثال ذلك ما قد يقع مع – الفلاحين – الذين
يضعون اللبن في الآنية، وهم في المزارع البعيدة عن الماء، ثم يضعون
الماء في تلك الآنية قبل تنظيفها جيداً، فيظهر أثر اللبن في الماء فمتى
ظهر لون اللبن في الماء فإنه يخرج عن طهوريته، ويكون طاهراً فقط.
المالكية قالوا: تسلب طهورية الماء، ويصير طاهراً فقط بثلاثة أمور:
أحدها: أن يختلط بالماء شيء طاهر فيتغير به أحد أوصافه الثلاثة:
طعمه، أو لونه، أو ريحه، ولو كان ذلك الريح غير ظاهر بالماء، وإنما
يسلب الطهورية بشروط: الأول: أن يكون ذلك الشيء ليس لازماً للماء،
بل يفارقه في غالب الأوقات، الثاني: أن لا يكون من أجزاء الأرض:
الثالث: أن لا يكون من الشياء التي يدبغ بها الإناء، الرابع: أن لا يكون
من الأشياء التي يعسر الاحتراز منها، ولذلك كله أمثلة: منها الصابون،
فإنه في الغالب لا يخالط الماء، ومثله ماء الورد ونحوه من مياه الروائح
العطرية، فإن المستعمل للماء لا يحتاج إليها في الغالب، ومنها روث
الماشية، فإنها، ولو اختلطت ببعض المياه التي يشرب منها ولكن ذلك لا
يعسر الاحتراز عنه، ومنها دخان شيء محترق. ولو من أجزاء الأرض،
ومنها ورق الشجر إذا كان قريباً من بئر، أو مسقاة يمكن تغطيتها، مثله
السافيات ونحوها، كالتبن، وطلع النخل، ومنها السمك إذا مات في ماء أو
طرح فيه، فهذه الأمور الطاهرة إذا خالطت الماء بالشرائط المذكورة،
فإنها تسلب طهوريته، ويصير طاهراً فقط بالشرط المتقدم، وهو أن يتغير
به أحد أوصاف الماء.
ثانيها: أن يتغير الماء بنفس الإناء الذي وضع فيه وإنما يسلب ذلك
التغيير طهورية الماء بشرطين: الأول: أن يكون الإناء من غير أجزاء
الأرض، كما إذا وضع الماء في إناء من جلد، أو من خشب، فتغير
بمجاورته للإناء؛ الشرط الثاني: أن يكون التغير فاحشاً عرفاً، فإن وضع
الماء في إناء من فخار، أو كان التغير غير فاحش، فإنه لا يضر، ومثل
ذلك ما إذا تغير الماء بسبب حبل من كتان، أو ليف، فإن ذلك التغير لا
يضر، إلا إذا كان فاحشاً عرفاً.
ثالثها: أن يتغير الماء بسبب قطران، أو قرظ، أو نحو ذلك، وإنما يسلب
ذلك الطهورية، بشرط أن يتغير به طعمه، أو لونه، أما إذا تغيرت به
ريحه فقط، فإنه يبقى طهوراً، ولا يضره ذلك التغير.
الشافعية قالوا: تسلب طهورية الماء، ويصير طاهراً فقط إذا خالطه شيء
طاهر، بأربعة شروط: أحدها: أن يكون ذلك الطاهر المخالط مما يستغني