الفقه علی المذاهب الاربعة-ج1-ص26
القسم الأول، وهو الطهور فإنه يتعلق به أمور: أحدها: تعريفه. ثانيها:
الفرق بينه وبين الطاهر. ثالثها: حكمه. رابعها: بيان ما يخرجه عن
الطهورية وما لا يخرجه: خامسها: بيان ما ينجسه، وأما القسم الثاني
وهو الطاهر غير الطهور، فإنه يتعلق به أمور أيضاً: الأمر الأول:
تعريفه. الثاني: بيان أنواعه. الثالث: ما يخرجه عن كونه طاهراً، وأما
القسم الثالث، وهو المتنجس، فإنه يتعلق به أمران: أحدهما: تعريفه.
ثانيهما: بيان أنواه.
فلنذكر لك كل قسم من هذه الأقسام وما يتعلق به بعنوا خاص.
5 مباحث الماء الطهور
6 تعريفه
فأما تعريف الماء الطهور، فهو كل نزل من السماء أو نبع من
الأرض، ولم يتغير أحد أوصافه الثلاثة، وهي “اللون. والطعم. والريح”
بشيء من الأشياء التي تسلب طهورية الماء ولم يكن مستعملاً (المالكية
قالوا: إن استعمال الماء لا يخرجه عن كونه طهوراً، فيصح الوضوء
والغسل بالماء المستعمل، ولكن يكره فقط) وسيأتي بيان الأشياء التي
تسلب طهورية الماء والأشياء التي توجب استعماله.
6 الفرق بينه وبين الماء الطاهر.
أما الفرق بين الماء الطهور والماء الطاهر، فهو أن الماء الطهور
يستعمل في العبادات وفي العادات، فيجوز الوضوء به والاغتسال من
الجنابة والحيض، كما يجوز تطهير النجاسة به واستعمال لنظافة البدن
والثوب من الأوساخ الظاهرة وغير ذلك، وبخلاف الماء الطاهر فإنه لا
يصح استعماله في العبادات من وضوء وغسل جنابة ونحوهما، كما لا
يصح تطهير النجاسة به (الحنابلة قالوا: الماء الذي يحرم استعماله لا
يصح التطهير به من الحدث، بشرط أن يكون المتطهر به ذاكراً لا ناسياً،
فإذا توضأ منه وهو ناس وصلى به فإنه يصح، أما تطهير النجاسة به
فإنه يصح)، وإنما يصح استعماله في الأمور العادية من شرب وتنظيف
بدن وثياب وعجن ونحو ذلك.
6 حكم الماء الطهور
أما حكم الماء الطهور، فهو ينقسم إلى قسمين: أحدهما: الأثر الذي
رتبه الشارع عليه، وهو أنه يرفع للحدثَ الأصغر والأكبر، فيصح
الوضوء به والاغتسال من الجنابة والحيض، وتزال به النجاسة المحسة
وغيرها، وتؤدي به الفرائض والمندوبات وسائر القرَب، كغسل الجمعة
والعيدين وغير ذلك من العبادات، وكذا يجوز استعماله في العادات من
شرب وطبخ وعجن وتنظيف ثياب وبدن وسقي زرع ونحو ذلك. ثانيهما:
حكم استعماله، والمراد به ما يوصف به استعماله من وجوب وحرمة،
وهو من هذه الجهة تعتريه الأحكام الخمسة، وهي: الوجوب. والحرمة.
والندب. والإباحة. والكراهة، والمراد بالندب ما يشمل السنة، وذلك لأن
المندوب والمسنون شيء واحد “عند بعض الأئمة” ومختلفان “عند البعض
الآخر” كما سيأتي في مندوبات الوضوء، فأما ما يجب فيه استعمال الماء،