الفقه علی المذاهب الاربعة-ج1-ص19
عن الكثير ولو بفعله. – الثاني: أن لا يجاوز الدم محله – الثالث: أن لا
يختلط بأجنبي غير ضروري، كالماء، ومحل العفو في حق الشخص
نفسه، أما لو حمله غيره أو قبض على شيء متصل به، فلا يعفى في
القلة والكثرة العرف، فإن شك في القلة والكثرة، فالأصل العفو.
الحنابلة قالوا: يعفى عن أمور: منها يسير دم وقيح وصديد، واليسير هو
ما يعدّه الإنسان في نفسه يسيراً، وإنما يعفى عن اليسير إذا أصاب غير
مائع ومطعوم، أما إذا أصابهما فلا يعفى عنه، بشرط أن يكون ذلك من
حيوان طاهر حال حياته ومن غير قبُل ودبر، وإذا أصاب الدم أو غيره
مما ذكر ثوباً في مواضع منه فإنه يضم بعضه إلى بعض، فإن كان
المجموع يسيراً عفي عنه، وإلا فلا، ولا يضم ما في ثوبين أو أكثر، بل
يعتبر كل ثوب على حدة، ومنها أثر استجمار بمحله بعد الإنقاء واستيفاء
العدد المطلوب في الاستجمار، وسيأتي، ومنها يسير سلس بول بعد تمام
التحفظ لمشقة التحرز، ومنها دخان نجاسة وغبارها ما لم تظهر له صفة،
ومنها ماء قليل تنجس بمعفو عنه، ومنها النجاسة التي تصيب عين
الإنسان ويتضرر بغسلها، ومنها اليسير من طين الشارع الذي تحققت
نجاسته بما خالطه من النجاسة.
4 مبحث فيما تزال به النجاسة وكيفية إزالتها
يزيل النجاسة أمور: منها الماء الطهور، ولا يكفي في إزالتها الطاهر
الحنفية قالوا: إن الماء الطاهر – غير الطهور – ومثل الطهور في إزالة
النجاسة، كما تقدم وكذا المائع الطاهر الذي إذا عصر انعصر، كالخل
وماء الورد، فهذه الثلاثة يطهر بها كل متنجس بنجاسة مرئية أو غير
مرئية، ولو غليظة، سواء كان ثوباً أو بدناً أو مكاناً)، وسيأتي بيان
الطهور والطاهر في أقسام المياه، بعد هذا المبحث.
وتطهير محل النجاسة به له كيفيات مختلفة في المذاهب
(الحنفية قالوا:
يطرهر الثوب المتنجس بغسله ولو مرة، متى زالت عين النجاسة
المرئية، ولكن هذا إذا غسل في ماء جار أو صب عليه الماء، أما إذا
غسل في وعاء، فإنه لا يطهر إلا بالغسل ثلاثاً، بشرط أن يعصر في كل
واحدة منها، وإذا صبغ الثوب بنجس يطهر بانفصال الماء عنه صافياً ولو
بقي اللون، إذ لا يضر بقاء الأثر، كلون أو ريح في محل النجاسة إذا شق
زواله والمشقة في ذلك هي أن يحتاج في إزالته لغير الماء، كالصابون
ونحوه، ومن ذلك الاختضاب بالحناء المتنجسة، فإذا اختضب أحد بالحناء
المتنجسة طهرت بانفصال الماء صافياً، ومثل ذلك الوشم، فإنه إذا
غرزت الإبرة في اليد أو الشفة مثلاً حتى برز الدم، ثم وضع مكان